الجواب
الأصل في مشروعية الأدعية والأذكار أن يكون لها مستند شرعي من كتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا الذكر المذكور في السؤال ذكره ابن القيم - رحمه الله - في كتابه: (الوابل الصيب في الكلم الطيب)، ومعناه صحيح، وبعض ألفاظه مقتبسة من بعض الأدعية النبوية، وقراءة هذا الدعاء على الماء ورشه في نواحي البيت لطرد الشياطين بهذا الشكل لا أصل له، ويحتاج جوازه إلى دليل شرعي، ولا دليل في ذلك، والأحوط للمسلم في دينه أن يقتصر في الأدعية والأذكار على ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي ذلك الخير الكثير، والنفع والحصن الحصين من الشياطين، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكذلك قراءة آية الكرسي، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها تجير الإنسان، وتحفظه من الشيطان، كما ورد ذلك في قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عندما وكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاه آت فجعل يحثو من الطعام، قال: فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا هريرة: «ما فعل أسيرك البارحة ؟» قال: قلت: يا رسول الله: شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته وخليت سبيله، قال: «أما إنه كذبك وسيعود».. إلى أن قال أبو هريرة - رضي الله عنه - : فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود، فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: وما هي ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾[البقرة: 255] حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟» قلت: لا، قال: «ذاك شيطان» أخرجه البخاري في (صحيحه) معلقاً بصيغة الجزم، وأخرجه النسائي في (عمل اليوم والليلة)، وكذلك قراءة المعوذتين: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾[الفلق: 1] و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾[الناس: 1] فقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ونحو ذلك من الأدعية والأذكار النبوية الثابتة، وأما تعليق هذا الذكر في البيت لطرد الشيطان فإنه لا يجوز؛ لأنه نوع من التمائم والحروز المنهي عنها شرعاً؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ولما يؤدي تعليقها إلى الوقوع في الشرك إذا اعتقد في هذا المعلق جلب النفع أو دفع الضر من دون الله، كما أن في تعليقها تعريضا لامتهانها وجعلها في أماكن لا تليق بها، مع طول الزمن إذا بليت أو انتقل صاحب البيت منه واستغنى عنها ونحو ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.