السبت 09 ربيع الآخر 1446 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

حكم الإتيان بأدعية وأذكار لم ترد لطرد الشيطان

السؤال
الفتوى رقم(20465)
هل يجوز قراءة هذا الذكر وهو الذكر الذي يقال لطرد الشياطين من المكان ؟
قال أبو النضر هاشم بن القاسم: كنت أرى في داري - يقصد أنه يرى الجن في داره - فقيل: يا أبا النضر: تحول عن جوارنا، قال: فاشتد ذلك علي، فكتبت إلى الكوفة، إلى ابن إدريس والمحاربي وأبي أسامة، فكتب إلي المحاربي: إن بئراً بالمدينة كان يقطع رشاؤها، فنزل بهم ركب فشكوا ذلك إليهم، فدعوا بدلو من ماء، ثم تكلموا بهذا الكلام فصبوه في البئر، فخرجت نار من البئر، فطفئت على رأس البئر، قال أبو النضر: فأخذت تورا من ماء ثم تكلمت فيه بهذا الكلام، ثم تيممت به زوايا الدار فرششته، فصاحوا بي: يا أبا النضر: أحرقتنا نحن نتحول عنك، والذكر هو: (بسم الله، أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام، وبسلطان الله المنيع نحتجب، وبأسمائه الحسنى كلها عائذ من الأبالسة، ومن شر شياطين الإنس والجن، ومن كل معلن أو مسر، ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر إبليس وجنوده، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، أعوذ بالله بما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وفى، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر إبليس وجنوده، ومن شر ما يبغي)، (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)، بسم الله الرحمن الرحيم، ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى * وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾[الصافات: 1، 10] وما رأي الشرع في هذا الذكر الذي يقال لطرد الشياطين من المكان، وهل يجوز كتابة هذا الذكر في ورقة وتعليقه في مكان داخل المسكن أو المنزل ؟
الجواب
الأصل في مشروعية الأدعية والأذكار أن يكون لها مستند شرعي من كتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا الذكر المذكور في السؤال ذكره ابن القيم - رحمه الله - في كتابه: (الوابل الصيب في الكلم الطيب)، ومعناه صحيح، وبعض ألفاظه مقتبسة من بعض الأدعية النبوية، وقراءة هذا الدعاء على الماء ورشه في نواحي البيت لطرد الشياطين بهذا الشكل لا أصل له، ويحتاج جوازه إلى دليل شرعي، ولا دليل في ذلك، والأحوط للمسلم في دينه أن يقتصر في الأدعية والأذكار على ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي ذلك الخير الكثير، والنفع والحصن الحصين من الشياطين، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكذلك قراءة آية الكرسي، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها تجير الإنسان، وتحفظه من الشيطان، كما ورد ذلك في قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عندما وكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاه آت فجعل يحثو من الطعام، قال: فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا هريرة: «ما فعل أسيرك البارحة ؟» قال: قلت: يا رسول الله: شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته وخليت سبيله، قال: «أما إنه كذبك وسيعود».. إلى أن قال أبو هريرة - رضي الله عنه - : فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود، فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: وما هي ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾[البقرة: 255] حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟» قلت: لا، قال: «ذاك شيطان» أخرجه البخاري في (صحيحه) معلقاً بصيغة الجزم، وأخرجه النسائي في (عمل اليوم والليلة)، وكذلك قراءة المعوذتين: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾[الفلق: 1] و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾[الناس: 1] فقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ونحو ذلك من الأدعية والأذكار النبوية الثابتة، وأما تعليق هذا الذكر في البيت لطرد الشيطان فإنه لا يجوز؛ لأنه نوع من التمائم والحروز المنهي عنها شرعاً؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ولما يؤدي تعليقها إلى الوقوع في الشرك إذا اعتقد في هذا المعلق جلب النفع أو دفع الضر من دون الله، كما أن في تعليقها تعريضا لامتهانها وجعلها في أماكن لا تليق بها، مع طول الزمن إذا بليت أو انتقل صاحب البيت منه واستغنى عنها ونحو ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(24/264- 268)
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟