الجواب
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن السنة أن يسد اللحد باللبن المعمول من الطين القوي الحر، وهذا هو الذي عليه عمل المسلمين من عهد الصحابة - رضي الله عنهم- ومن بعدهم من سلفنا الصالح إلى اليوم، وهو الذي عمله الصحابة - رضي الله عنهم- في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقد ثبت أنهم لحدوا قبره ونقلوا اللبن تسعا ونصبوها على لحده - صلى الله عليه وسلم- واتفقوا على ذلك ولذلك ورد عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه-، أنه قال في مرض موته الذي مات فيه «ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم-» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، ولذلك قال ابن قدامة في المغني: "وقد ذكرنا أن اللبن والقصب مستحب" وقال الخلال: كان أبو عبد الله – أي: الإمام أحمد - رحمه الله- – يميل إلى اللبن وأما الخشب فكرهه على كل حال، وأكثر الروايات عن أبي عبد الله استحباب اللبن وتقديمه على القصب، لقول سعد السابق، وقال إبراهيم النخعي كانوا يستحبون اللبن، وعلى ذلك فإن الأولى بقاء سد اللحد باللبن على ما هو عليه؛ اقتداء بصحابة رسول الله - رضي الله عنهم- ومن بعدهم من سلفنا الصالح، وقد عمله الصحابة في قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولا يختار الله لنبيه إلا ما فيه الخير والأفضل، وليسر مؤونة اللبن وسهولة تصنيعه والحصول عليه في كل وقت وما ذكر من تهدم بعض القبور نتيجة الأمطار والسيول فإنما يرجع إما إلى انخفاض أرض المقبرة وسوء تصريف السيول بها، وإما إلى الخلل في ذات التربة التي صنع منها اللبن، فإن اللبن إذا اعتني به وعمل من الطين الجيد القوي الحر، وهو الخالص الذي لا رمل فيه، فإنه يكون قويا ولا يتأثر بعوامل التعرية من السيول وغيرها، لا سيما إذا خلط بما يقويه ويجعله متماسكا كالتبن ونحوه، ولم يزل المسلمون يعملون بذلك ولا زالت قبورهم قرنا بعد قرن باقية إلى اليوم على حالها، أما ما ذكر من اقتراح الطوب الفخاري في تغطية اللحد فإنه خلاف سنة الصحابة - رضي الله عنهم-، وخلاف ما جرى عليه السلف الصالح من بعدهم، وادعاء أن هذا الطوب الفخاري لا يتأكل ولا ينهار عند وصول الرطوبة والماء إليه فيه نظر، فإن الواقع سهولة انكساره وتشققه خاصة إذا تعرض للضغط والثقل كما أنه يختلف عن اللبن في ارتفاع تكلفته وقد لا يتيسر الحصول عليه في بعض الأحيان.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.