الجواب
هذه الأعمال الانتحارية التي يذهب الإنسان إلى عدوه وقد ملئ جسمه من القنابل لتتفجر ويكون هو أول قتيل فيها محرمة، والفاعل لها قاتل لنفسه، وقتله لنفسه واضح، حمل القنابل وتفجرت به فمات، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً فيها مخلداً، لكن إذا كان هذا الإنسان فعل هذا جاهلاً يظن أن هذا من تمام الجهاد فإن الله سبحانه وتعالى لا يعذبه بذنبه لأنه متأول.
وأما من علم بذلك فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، وقد يورد علينا بعض الناس في هذا القول: أن البراء بن مالك رضي الله عنه في غزوة بني حنيفة أمر أصحابه أن يحملوه ويقذفوا به داخل الباب؛ باب الحوطة، من أجل أن يفتح الباب لهم، وهذا لا شك أنه إلقاء بنفسه إلى أمر خطير فيقال: إن البراء بن مالك رضي الله عنه قد وثق من نفسه أنه سينجو وفيه احتمال ولو واحد من مائة أنه ينجو، لكن من تقلد بالقنابل التي نعلم علم اليقين أنه أول من يموت بها فهذا ليس عنده احتمال ولا واحد في المائة ولا واحد في الألف أنه ينجو، فلا يصح قياس هذا على هذا، نعم للإنسان الشجاع البطل الذي يعرف نفسه أن يخوض غمار العدو ويخرق صفوفهم لأن النجاة فيها احتمال، وعلى هذا فيكون إيراد مثل هذه القضية غير وارد، لأن هناك فرقاً بين من يعلم أنه سيموت ومن عنده احتمال أنه سينجو.