الجواب
إذا كان واقع العرضة على ما ذكر في السؤال، من المزامير ونحوها، ومن غلو شعرائها في شعرهم بما يرفع الوضيع ويضع الرفيع؛ طمعا في كسب المال، ومن التبذير في الأموال، ومن الرقص والتمايل والخيلاء، وتصوير من يقومون بالعرضة، وما جرى منهم فيها والمتفرجين عليها لعرضها مستقبلا على شتى الوجوه، وفي مختلف الأماكن، ومن اطلاع النساء على ما يجري في العرضة من المنكرات من فوق السطوح وغيرها، ومن استمرار العرضة إلى نصف الليل مثلا، مما قد يفضي إلى تضييع أداء صلاة الفجر في وقتها على جميع الحاضرين، أو بعض من حضر العرضة- فهي حرام؛ لما اشتملت عليه من المنكرات، بل بعض هذه المنكرات كاف في الحكم عليها بالتحريم، وليس في مثل هذه العرضة شيء من الرجولة والشجاعة والكرم، بل فيها المجون والكذب وإيغار صدور من حط من قدرهم، وإغواء من تجوز الحد في مدحهم، والسفه والتبذير بإنفاق الأموال في غير وجهها، وضياع الوقت ونشر الفساد في الأرض، والتزام عادات جاهلية تقليدا للآباء والأجداد على غير بصيرة، واتباعا للهوى وإشباعا للشهوات، وإيثارا لذلك على ما جاء في شريعة الإسلام، من مكارم الأخلاق والسير الحميدة. أما ما كان من الحبشة فهي عرضة حربية، فيها تدريب على أعمال الحرب، وتمرين على استعمال أسلحته، وكان ذلك منهم يوم عيد دون أن يشغلهم عن أداء فريضة عن وقتها، فهذا هو الذي فيه الرجولة والبطولة، والمران على الجهاد دون أن يضيع وقتا أو يفوت ما هو أولى منه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.