الجواب
هذا الذي ذكره الأخ السائل أظن أنه صدر مني في بعض الحلقات السابقة وذكرت أنه إذا اختلط المسكر بشيء ولم يظهر له أثر، فإنه لا عبرة به؛ وذلك لأنه إذا اختلط بهذا الشيء ولم يظهر له أثر فقد تلاشى فيه وتضائل وذهب والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فما دام هذا قد قضى عليه فإنه لا أثر وأظن أنني مثلت لذلك أو نَظَّرت لذلك بما لو سقطت نجاسةٌ في ماء ولم يظهر لها أثرٌ فيه لا بالطعم ولا باللون ولا بالريح فإن الماء يبقى على طهوريته فهذا الشراب أو الدواء الذي خلطت فيه كمية قليلة من الكحول ولكنها لا تؤثر فيه يعتبر طاهراً ومباحاً؛ لأن الحكم يدور مع علته كما قلت وأما الكثير والقليل فمعناه أن هذا الشيء الشراب إذا كان لو أكثرت منه أسكرك ولو شربت قليلاً منه لم تسكر فإن القليل منه وإن لم يسكر يكون حراماً؛ وذلك لأنه يكون وسيلةً للكثير فإن النفس تطمع في هذا وتزداد منه حتى يصل بها إلى حد الإسكار؛ ولهذا حرم الشارع ذرائع المحرمات ووسائلها هذا معنى قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «ما أسكر كثيره فقليله حرام». وليس معنى الحديث: ما وقع فيه قليلٌ من مسكر وهو كثير فإنه حرام، بل ما وقع فيه قليل من مسكر وتلاشى فيه ولم يظهر له أثر فإنه لا عبرة به؛ لأنه لم يبقَ له أثر.