الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل يجوز إطلاق كلمة: (الأديان السماوية)؟

الجواب
نعم، نقول الأديان السماوية؛ لأن هناك أدياناً أرضية؛ لأن الدِّين مادان به العبد لربه؛ سواء كان من شريعة الله -سبحانه وتعالى- أم من شرائع البشر. ومن المعلوم أن هناك أناسًا يدينون بغير دين شرعي، يعتقدون ديانة فيسجدون للبقر، ويسجدون للصنم، وغير ذلك، والله تعالى لم يشرع هذا في أي كتاب كان، ولا على لسان أي رسول كان، وعلى هذا فهذه الديانة التي يدينون بها ليست من شريعة الله فليست سماوية. وأما الأديان السماوية فهي التي شرعها الله -عزّ وجلّ-؛ لأنها نزلت من السماء.
إلا أنه يجب أن يعلم السائل وغيره أن جميع الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي، وأنها الآن ليست مما يدان به لله -عزّ وجلّ-؛ لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد -صلى الله عليه وسلم- وكما أن النصارى مُقرُّون بأن دين المسيح قد نَسَخَ شيئاً كثيراً من دين موسى -عليه الصلاة والسلام- وأنه يجب على أتباع موسى -عليه الصلاة والسلام- أن يتبعوا عيسى فإننا كذلك أيضاً نقول: إن الإسلام ملزم للنصارى أن يدينوا به ولجميع الأمم أن يدينوا بالإسلام؛ لأن العبرة للمتأخر فالمتأخر من شريعة الله، وقد قال الله تعالى عن عيسى إنه قال لقومه: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾[الصف: 6].
وهذه البشارة من عيسى -عليه الصلاة والسلام- لمحمد -صلى الله عليه وسلم- تدل على أنه يجب على بني إسرائيل من النصارى واليهود وغيرهم أن يتبعوه؛ إذ أنه لو لم تكن الرسالة التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم- شاملة لهم لم يكن لبشراهم بها فائدة، فلولا أنهم ينتفعون من هذه الرسالة باتباعها ما كان لهم فيها فائدة إطلاقاً.
والمهم أنني أقول: يجب أن يعلم السائل وغيره أننا وإن عَبَّرنا بالأديان السماوية فليس معنى ذلك أننا نقر بأنها باقية، بل نقول: إنها منسوخة بدين واحد فقط هو دين الإسلام، وأن الدين القائم الذي يرضى الله تعالى أن يدين به العباد له إنما هو دين الإسلام وحده فقط قال الله تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً﴾[المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾[آل عمران: 85] والله الموفق.
يقول السائل: على هذه يجوز لنا أن نقول: (الأديان السماوية)؟
يجوز لنا أن نقول: الأديان السماوية، ولكن ليس على أنها الآن ثابتة، إطلاق هذه الكلمة يجوز، لكن إذا كان يفهم منها أن هذه الأديان باقية، وأنها مرضية عند الله، فإنه لا يجوز إطلاقها إلا مقرونة ببيان الحال؛ بأن يقال: معنى أنها سماوية، أي: أنها مما أنزله الله تعالى على الرسل، لكنه نسخ - ماعدا الإسلام - بالإسلام.
يقول السائل: هل هذه الأديان الأرضية على غير حق؟
وحتى الأديان السماوية التي كانت في وقتها حقاً هي الآن منسوخة بالإسلام.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب(1/672-674)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟