الجواب
صفة المشيئة لله تعالى صفة فعلية قديمة النوع حادثة الآحاد، والواجب في آيات الصفات لله -جل وعلا- من المشيئة أو غيرها إمرارها كما جاءت من غير تعرض لكيفيتها، مع اعتقاد حقيقتها على ما يليق بالله تعالى، من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل ولا تشبيه، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11]. وأما قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾[الكهف: 29]، فليس من باب التخير، وإنما هو من باب التهديد، لأن سبيل الإيمان والرشد قد استبان، وطريق الكفر قد وضح، والله -عز وجل- يعاقب من استبان له طريق الإيمان والهدى، ولم ينقد بأن يصرفه عن صراطه المستقيم، كما قال تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾[الأعراف: 146] ولهذا قال سبحانه بعد قوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾[الكهف: 29]، متهددا ومتوعدا: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾[الكهف: 29].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم