الجمعة 10 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 3108
الخط

هل صحيح أن زيارة الميت لا تجوز إلا بعد أربعين يوما من الوفاة؟

السؤال:

المستمع فلاح مهدي من العراق يقول: عندما يدفن الميت يتركه أهله أربعون يوماً لا يزورنه وبعد ذلك يذهبون إلى زيارته بحجة أنه لا يجوز زيارة الميت قبل أربعين يوماً فما الحكم في هذا من الناحية الشرعية مأجورين؟

الجواب:

قبل الإجابة على هذا السؤال: ينبغي أن نبين أن زيارة القبور سنة في حق الرجال أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن نهى عنها فقال -صلى الله عليه وسلم-: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكركم الآخرة» والزائر الذي يزور القبور يزورها امتثالاً لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واعتبارً بحال هؤلاء الأموات الذين كانوا بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل ويشربون كما يشرب ويلبسون كما يلبس ويتنعمون في الدنيا كما يتنعم فأصبحوا الآن مرتهنين في قبورهم بأعمالهم ليس عندهم صديق ولا حميم وإنما جليسهم عملهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان تبعه ثلاثة ماله وأهله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع المال والأهل ويبقى العمل» فيعتبر الزائر بحال هؤلاء، والفائدة الثالثة أنه يتذكر الآخرة وأن المقر والمرجع هو الآخرة وأن الدنيا دار ممر وليس دار مستقر ومع ذلك فليست القبور هي المثوى الأخير بل بعدها ما بعدها من اليوم الآخر الذي هو كما وصفه الله يوم آخر لا يوم بعده، وأما البقاء في القبور فهو زيارة كما قال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر: 1-2] وقد ذكر أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ هذه الآية: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر: 2] فقال والله ما الزائر بمقيم وإن وراء هذه الزيارة لأمر إقامة، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى كلمة يقولها بعض الناس من غير روية ولا تدبر لمعناها وهو أنهم إذا تحدثوا عن الميت قالوا ثم آووه إلى مثواه الأخير أو كلمة نحوها المهم أنهم يقولون إلى مثواه الأخير وهذه الكلمة لو أردنا أن ندقق في معناها لكانت تتضمن إنكار البعث لأنه إذا كان القبر هو المثوى الأخير فمعناه أنه لا بعث بعده وهذا أمر خطير لأن الإيمان بالله واليوم الآخر شرط في الإيمان والإسلام، لكن الذي يظهر لي أن العامة يقولونها من غير تدبر لمعناها ومن غير روية ولكن يجب التنبه لذلك وإنه يحرم على الإنسان أن يطلق هذه العبارة فإن كان يعتقد ما تدل عليه فهو كفر لأن من اعتقد أن القبر هو المثوى الأخير وأنه ليس بعده شيء فقد أنكر اليوم الآخر، الفائدة الرابعة من زيارة القبور أن الزائر يسلم على أهل القبور ويدعو لهم فيقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية هذه أربع فوائد في زيارة القبور، وأما من يزور القبور للدعاء عندها فإن ذلك من البدع فالمقبرة ليست مكان يقصد للدعاء حتى يذهب ليدعو الله عند قبر رجل صالح أو ما أشبه ذلك وأشد من ذلك من يذهب إلى المقبرة ليدعو أصحاب القبور ويستغيث بهم ويستعين بهم فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، قال الله -عز وجل-: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]. وقال الله -عز وجل-: ﴿فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَداً﴾ [الجن: 18].  والآيات في هذا المعنى كثيرة فمن دعا غير الله لقضاء حاجته من هؤلاء الأموات فقد أشرك بالله شركاً أكبرا وليعلم أن زيارة القبور لا تختص بيوم معين ولا بليلة معينة بل يزورها الإنسان ليتذكر الآخرة ولقد زار النبي -صلى الله عليه وسلم- البقيع ذات مرة في الليل وهو دليل على أن الزيارة لا يشترط لها يوم معين، أما فيما يتعلق بسؤال السائل وهو أن أهله لا يزورونه إلا إذا تم له أربعون يوماً فهذا لا أصل له بل للإنسان أن يزور قبر قريبه من ثاني يوم دفن ولكن لا ينبغي للإنسان إذا مات له الميت أن يعلق قلبه به وأن يكثر التردد إلى قبره لأن هذا يجدد له الأحزان وينسيه ذكر الله -عز وجل- ويجعل أكبر همه أن يكون عند هذا القبر وربما يبتلى بالوساوس والخرافات والأفكار السيئة بسبب هذا.

المصدر:

الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

أضف تعليقاً