الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل صح حديث: (كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك)؟ وحكم الضرب في الرمل

الجواب
أما قضية التنجيم، التنجيم إذا أريد به الاستدلال بالنجوم على الحوادث المستقبلة، وأن النجوم لها تأثير في الكائنات، وفي نزول الأمطار، أو نزول الأمراض أو غير ذلك، فهذا شرك أكبر، وهو من اعتقاد الجاهلية، والتنجيم على هذا النحو محرم أشد التحريم، وأما الحديث الذي سألت عنه: «كذب المنجمون ولو صدقوا»، فلا أعرف له أصلًا من ناحية السند، ولم أقف عليه، وأما معناه فهو صحيح، فإن المنجمين يتخرصون ويكذبون على الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لا علاقة للنجوم بتدبير الكون، إنما المدبر هو الله سبحانه وتعالى، هو الذي خلق النجوم، وخلق غيرها، والنجوم خلقها الله لثلاث: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها، هذا ما دل عليه القرآن الكريم، فمن طلب منها غير ذلك، فقد أخطأ وأضاع نصيبه، هذا ما يتعلق بالتنجيم والنجوم.
وكذلك بقية الأمور التي هي من الخرافات والشعوذة كالرمل، خطف الرمل، وغير ذلك من الأمور التي تستعمل لادعاء علم الغيب، والإخبار عما يحدث، أو لشفاء الأمراض، أو غير ذلك، كل هذا يدخل في حكم التنجيم ويدخل في الكهانة ويدخل في الأمور الشركية؛ لأن القلوب يجب أن تتعلق بالله وخالقها ومدبرها، الذي يملك الضر والنفع، والخير والشر، وبيده الخير وهو على كل شيء قدير، أما هذه الكائنات وهذه المخلوقات فإنها مدبرة مربوبة، ليس لها من الأمر شيء، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت: 37]، ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف: 54]، فكلها كائنات مخلوقة مدبرة، لها مصالح ربطها الله -سبحانه وتعالى- بها، وهي تؤدي وظائفها طاعة الله، وتسخيرًا من الله سبحانه وتعالى.
أما أن يتعلق بها ويطلب منها دفع الضرر أو جلب الخير، فهذا شرك أكبر واعتقاد جاهلي.
أما حديث: «كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك»، فهذا حديث صحيح، رواه الإمام مسلم والإمام أحمد وغيرهما.
قال العلماء: ومعناه أن هذا من اختصاص ذلك النبي عليه السلام، ومن معجزاته، وأن أحدًا لا يمكن أن يوافقه؛ لأن هذا من خصائصه ومن معجزاته، فالمراد بهذا نفي أن يكون الخط في الرمل يتعلق به أمر من الأمور؛ لأن هذا من خصائص ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم-، وخصائص الأنبياء ومعجزاتهم لا يشاركهم فيها غيرهم عليهم الصلاة والسلام، فالمراد بهذا نفي أن يكون للخطاطين أو الرمالين شيء من الحقائق التي يدعونها، وإنما هي أكاذيب؛ لأنه لا يمكن أن يوافق ذلك النبي في خطه أحد، والله تعالى أعلم.
سؤال: مثل الخط في الرمل أو قراءة الفنجان أو الكف، كما يحدث عند بعض المخرفين اليوم، فالإثم في هذا لا يقتصر على نفس مرتكبي هذه الأعمال، بل يلحق حتى من ذهب إليهم أو صدقهم؟
لا شك أن هذه من الخرافات ومن الأوهام الجاهلية والأعمال الشركية، كلها من أعمال الشيطان، وكلها من طرق الشرك وأعمال الشرك، ولا يجوز للمسلم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر أن يذهب إلى هؤلاء، ولا أن يصدقهم، قال-صلى الله عليه وسلم-: «من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم-»، فلا يجوز الذهاب إليهم ولا سؤالهم ولا تصديقهم، وعلى المؤمن أن يعتمد على الله وأن يتوكل على الله، وأن يرتبط بالله -سبحانه وتعالى- وأن يحذر مما يفسد دينه أو يخلخل عقيدته، أو يضله عن الصراط المستقيم.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان (1/32-34)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟