الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

لماذا لا يعلن الجهاد ضد الكفار

الجواب
الجهاد فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي تعيّن عليهم.
ولكن كل واجب لا بد فيه من شرط القدرة.
والدليل على ذلك من القرآن والسنة ومن الواقع.
أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾[البقرة: 286] .
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16] .
وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[الحج: 78] .
فالجهاد إذا كان فيه حرج، فالحرج مرفوع في الشريعة، فإن كان هناك قدرة على الجهاد فهو سهل بإذن الله عز وجل، وإن لم يُقدر على الجهاد فهو حرج مرفوع.
أما الدليل من السنة: قوله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» وهذا الحديث عام في كل أمر؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - : « بأمر» نكرة في سياق الشرط فيكون للعموم.
أما الواقع: فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة يدعو الناس إلى توحيد الله عز وجل وإلى الصلاة، وبقي على هذا الأمر ثلاث عشرة سنة، ولم يؤمر بالجهاد مع شدة الإيذاء له عليه الصلاة والسلام، ولأتباعه من المؤمنين .
ولم يؤمر بالقتال؛ لأنهم لا يستطيعون، ولم يوجب الله عز وجل القتال إلا بعد أن صار للأمة الإسلامية دولة وقوة، قال الله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾[الحج: 39] .
وهكذا نقول في الواقع الآن: لعدم قدرة المسلمين على القتال ومواجهة الكفار.
والأسلحة التي ذهب عصرها عند الكفار هي التي بأيدي المسلمين، وأقوى ما عند المسلمين من سلاح لا يساوي ما عند الكفار من سلاح وليس بشيء.
ولهذا من الحمق أن يقول قائل: إنه يجب على المسلمين الآن أن يقاتلوا الكفار.
وهذا القول تأباه حكمة الله عز وجل، ويأباه شرعه. والواجب أن يقوم المسلمون بما أمر الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾[الأنفال: 60]. وأهم قوة نُعدها هو: الإيمان والتقوى؛ لأن المسلمين بالإيمان والتقوى سوف يقضون على الأهواء ومحبة الدنيا.
والصحابة - رضوان الله عليهم - حالهم بخلاف حال كثير من المسلمين اليوم، فالصحابة - رضي الله عنهم - يقاتلون لإعلاء كلمة الله ويكرهون الحياة في الذل.
فالواجب على المسلمين أن يعدوا ما استطاعوا من قوة وأولها: الإيمان والتقوى.
ثم يلي قوة الإيمان والتقوى، أن يتسلح المسلمون ويتعلموا كما تعلّم غيرهم؛ لكن المسلمين لم يقوموا بما عليهم.
فالواجب في هذه الأزمنة الاستعداد بالإيمان والتقوى، وأن يُبذل الجهد، والشيء الذي لا يُقدر عليه فإننا غير مكلفين، ونستعين بالله - عز وجل - على هؤلاء الأعداء.
والله- عز وجل - قادر على هؤلاء الأعداء ولو شاء سبحانه لانتصر منهم كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ الله لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾[محمد: 4].
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/307- 310)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟