السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 29 دقيقة
0
المشاهدات 2535
الخط

كيف نجمع بين حديث: (السيد الله) وبين ما جاء في التشهد: (اللهم صل على سيدنا محمد)

السؤال:

سئل فضيلته: عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- قال: «انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فقلنا: أنت سيدنا, فقال: «السيد الله -تبارك وتعالى-», وما جاء في التشهد: «اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد», وحديث: «أنا سيد ولد آدم»؟

الجواب:

لا يرتاب عاقل أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم؛ فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله -سبحانه وتعالى-: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾[النساء: 80], ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- سيدنا، وخيرنا، وأفضلنا عند الله -سبحانه وتعالى-, وأنه المطاع فيما يأمر به، صلوات الله وسلامه عليه، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع -عليه الصلاة والسلام-: أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة, ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد: أن نقول: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد), أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-, ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي: (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد), وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإن الأفضل ألا نصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بها، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها.
وبهذه المناسبة: أود أن أنبِّه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- سيدنا؛ فإن مقتضى هذا الإيمان: أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه، وأن لا ينقص عنه، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه، ولا ينقص من دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا.
      وعلى هذا: فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-, تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- سيد؛ لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع, وأن لا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله؛ حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابعٌ لا مشرّع.
      وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أنا سيد ولد آدم», والجمع بينه وبين قوله: «السيد الله»: أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده، فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله؛ فهو الآمر وغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية؛ تكون في شيء محدود، وفي زمن محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم، أو نوع من الخلائق دون نوع. 

المصدر:

مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(3/110-111)

أضف تعليقاً