الثلاثاء 07 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 35 دقيقة
0
المشاهدات 260
الخط

حكم من أتى بالشهادتين دون عمل

السؤال:

من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، هل هذا حديث ، وما معناه ؟ وهل يكتفي الإنسان بقول: لا إله إلا الله دون العمل بمقتضاها ؟ .

الجواب:

جاء في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على أن من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة، وفي بعضها خالصا من قلبه ، وفي بعضها: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» وفي بعضها يقول عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله». والأحاديث كلها يفسر بعضها بعضا، والمعنى أن من قال: لا إله إلا الله صادقا من قلبه مخلصا لله وحده ، وأدى حقها بفعل ما أمر الله ، وترك ما حرم الله ، ومات على ذلك دخل الجنة ، وعصم دمه وماله حال حياته ، إلا بحق الإسلام . فالواجب على جميع المسلمين أن يتقوا الله ويخلصوا له العبادة ، وأن يؤمنوا برسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ، وأنه رسول الله إلى جميع الثقلين ، الجن والإنس ، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي ، وعليهم مع ذلك أن يؤدوا فرائض الله ، وأن يدركوا محارم الله ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه ، وأن يتبرءوا من كل ما يخالف ذلك من جميع أديان المشركين . فمن مات على ذلك دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب ، ومن أتى شيئا من المعاصي كالزنا وشرب الخمر وأكل الربا وعقوق الوالدين وغير ذلك من المعاصي ، ومات على ذلك ولم يتب فهو تحت مشيئة الله ، إن شاء الله غفر له فضلا منه وإحسانا من أجل توحيده وإيمانه بالله وبرسوله -صلى الله عليه وسلم- ، وسلامته من الشرك ، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها ، ثم يخرجه الله من النار ، بعد التطهير والتمحيص ويدخله الجنة ؛ لقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48] فأخبر سبحانه أنه لا يغفر الشرك لمن مات عليه ، وأما ما دونه فهو معلق بمشيئة الله ، فقد يعفو له سبحانه عنه فضلا ورحمة منه بدون شفاعة أحد ، وقد يغفر له سبحانه بشفاعة الأنبياء والصالحين والأفراط وغيرهم ممن يأذن الله لهم بالشفاعة من المؤمنين كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾[البقرة: 255] ، وقال سبحانه في حق الملائكة: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾[الأنبياء: 28] وقال عز وجل: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾[النجم: 26] وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يشفع يوم القيامة لكثير من العصاة من أمته الذين دخلوا النار بذنوبهم ، عدة شفاعات ، فيحد الله له حدا في كل شفاعة ، فيخرجهم من النار ، وتشفع الملائكة ، والأنبياء والصالحون والأفراط ، بعد إذنه سبحانه لهم ، ويبقى في النار بقية من العصاة لم تشملهم الشفاعة ، فيخرجهم الله سبحانه من النار بفضله ورحمته ، ولا يبقى في النار إلا الكفار ، فإنهم يخلدون فيها أبد الآباد ، كما قال الله عز وجل في حقهم: ﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾[البقرة: 168] وقال سبحانه في حقهم: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾[المائدة: 37]، وقال سبحانه في حقهم: ﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾[الإسراء: 97] . وقال عز وجل في حقهم: ﴿ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾[النبأ: 30] ، وقال سبحانه وتعالى في حقهم أيضا: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾[ فاطر: 36] فيرد عليهم سبحانه بقوله: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾[ فاطر: 37] . والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهذا الذي ذكرناه هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان ، نسأل الله أن يجعلنا منهم ، والله ولي التوفيق .

المصدر:

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(28/204)

أضف تعليقاً