السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 1400
الخط

حكم ضرب الزوجة ضربًا شديدًا

السؤال:

يقول السائل: شاهدت رجلاً اختصم هو وزوجته فبدأ بضربها ضربًا شديدًا، وعندما جاءت أم زوجته لترفعه عنها، أمسك بها وضربها كما ضرب زوجته فما حكم الشرع في ذلك؟

الجواب:

لا يجوز للرجل أن يضرب زوجته بغير أمر شرعي، وليس له ضرب أمها أبدا، هذا عدوان، وليس له ضرب أمها ولا جدتها، ولا أخواتها، لكن إذا كان له حق عليهن يشتكي للمحكمة، أما أن يضربهن كذا باختياره، فلا، إذا كان له حق على أم الزوجة، أو على أختها أو على عمتها أو على أبيها، يرفع الأمر للمحكمة وإلى الجهة المسؤولة، أو يتفاهم معها، أو ترضيه هي بشيء، حتى يصطلحوا، وأما الزوجة فليس له ضربها إلا بعذر شرعي، كالنشوز إذا نشزت وما ينفع فيها الوعظ ولا الهجر ضربها ضربا غير مبرح، ضربا خفيفا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾[النساء: 34] وأذن - صلى الله عليه وسلم- في ضربهن ضربا غير مبرح، إذا عصين فالحاصل أن الرجل له ضرب امرأته إذا عصته ونشزت عليه، ولم يتيسر إصلاحها بغير الضرب، فإنه يضربها ضربا خفيفا؛ يردعها عن العصيان ولا يضرها بجرح ولا كسر، أما أن يضربها بغير حق، من أجل هواه أو من أجل غضبه، وهي لم تفعل ما يوجب الضرب، هذا لا يجوز له، ولا ينبغي له، وهذا من سوء المعاشرة، والله يقول ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 19] وينبغي له أن يتحمل ما قد يقع منها، من بعض الخلل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- : «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» وفي اللفظ الآخر: «فإن ذهبت تقيمها، كسرتها وكسرها طلاقها» والرسول أوصى بهن خيرا قال: «استوصوا بالنساء خيرا» وبين أنه لا بد من عوج، فينبغي الصبر والتحمل وعدم التشديد، وعدم تدقيق الحساب، فيما يتعلق بأخطائها، يكون عنده كرم، وعنده خلق جيد وحلم، يتحمل، فلا يعاقب على الصغيرة والكبيرة، وعلى كل شيء، لا، بل ينصح ويعظ ويذكر، أو يهجر عند الحاجة، يهجرها في الفراش أو يعطيها ظهره أياما أو ليالي، ثم إذا رجعت ترك الهجر، فإذا لم تجزئ الموعظة، ولم تنفع الهجرة، ضربها ضربا غير مبرح؛ لعصيانها له وإيذائها له، ضربا خفيفا ليس فيه خطر، لا جرح ولا كسر، والمقصود من هذا أن الواجب عليه أن يعاشر بالمعروف، كما قال الله سبحانه: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 19] وقال -عز وجل- : ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾[البقرة: 228] وليتق الله وليرحمها، وليحذر التشديد والتكلف والتعنت، وليكن جوادا حليما كريما، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : «خياركم خياركم لنسائهم» «وأنا خيركم لأهلي» فعليك يا أخي أن تتأسى برسول الله، في الصبر والحلم والخلق الكريم مع أهله -عليه الصلاة والسلام- ، تتغافل عن بعض الزلات السهلة، ولا تدقق في الحساب على بعض الزلات، بل تسمح عن كثير من الذي لا يضرك، لكن تجتهد على كونها تطيع الله، وتستقيم على دين الله، وتحرص عليها في ذلك، حتى تكون تقية مؤمنة مستقيمة على دين الله، أما ما يحصل من تقصير في حقك، فعليك أن تلاحظ السماح والعشرة بالمعروف، وعدم التشديد في ذلك، وأنت على أجر عظيم وتحمد العاقبة وهي ربما انتبهت، وحاسبت نفسها ورجعت على تقصيرها، بسبب حلمك وإحسانك، وفعلك الطيب وكلامك الطيب.

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/193 ـ 196)

أضف تعليقاً