الجمعة 10 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 1173
الخط

حكم تعدد الزوجات وهل هو مخالف للفطرة؟

السؤال:

ما حكم من يعدد الزوجات، وهل يصغي إلى الأقوال القائلة: بأن ذلك يخالف الفطرة؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

قد شرع الله -عز وجل- لعباده تعدد النساء، إذا استطاع الزوج ذلك، ولم يخف الجور وعدم العدل، كما في قوله جل وعلا: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾[النساء: 3] وقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم- عدة من النساء، وتوفي - صلى الله عليه وسلم- وعنده تسع، وهذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- ، فيما زاد عن أربع، أما الأمة فليس لهم إلا الأربع فقط، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم- بين من أسلم على أكثر من أربع، وأمره أن يفارق الزائد، خيره أن يختار أربعا، ويفارق ما زاد على ذلك، فالواجب على المسلم أن يقف عند حد الله، وألا يزيد على ما شرع الله، وهو الأربع إذا استطاع أن يتزوج أربعا، وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له، إن استطاع ذلك؛ لما في ذلك من المصالح، منها عفة فرجه وغض بصره، وتكثير الأمة وتكثير النسل، الذي قد ينفع الله به الأمة، وقد يعبد الله ويدعو لوالديه، فيحصل له بذلك الخير العظيم، فلولا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع، وفيه مصالح جمة لما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ، فهو أفضل الناس وخير الناس، وأحرصهم على كل خير -عليه الصلاة والسلام- ، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة، في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام، من طريق النساء ومن طريق الرجال، فإذا تزوج المسلم اثنتين أو ثلاثًا، أو أربعًا لمصالح شرعية؛ لأنه يحتاج إلى ذلك، وقصده تكثير الأولاد، أو القصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد لا تكفيه واحدة، أو اثنتان أو الثلاث، فكل هذا أمر مطلوب شرعي، ولا يجوز لأي مسلم ولا لأية مسلمة، الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز، أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام، أن تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام، أن ينشر مقالا يعترض على ذلك، لا في الوسائل المقروءة، ولا في الوسائل المسموعة، ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزارات الإعلام في الدول الإسلامية، أن يحذروا ذلك وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله -عز وجل- ، وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت، والإنسان يستطيع أن يأخذ ثنتين، أو ثلاثا أو أربعا، هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو يراه مسلم يخاف الله ويرجوه، ولا يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك، وهي تعلم يقينا أن كونها مع زوج عنده زوجة، أو زوجتان أو ثلاث خير لها من بقائها بدون زوج، حتى تموت عانسة لا زوج لها، وربما حصل لها بذلك عفة فرجها، وغض بصرها وحسن سمعتها وسلامة عرضها. فالواجب على الدول الإسلامية عامة، وعلى حكومتنا خاصة، إظهار هذا الأمر، وتأييد هذا الأمر، والإنكار على من عارض هذا الأمر، في أي وسيلة مرئية، أو مسموعة أو مقروءة، بل يجب إنكار ذلك، وإنه ليسوؤني كثيرًا ويسوء كل مسلم يخاف الله، أن يسمع في إذاعة أو يشاهد في تلفاز، أو يقرأ في صحيفة من يعترض على شرع الله، ويدعو إلى الاقتصار على واحدة، إلا على الوجه الشرعي، إذا خاف ألا يقوم بالواجب، أو عجز عن أن يقوم باثنتين، هذا قد وضحه الله سبحانه وتعالى، لكن من استطاع أن يتزوج اثنتين، أو ثلاثا أو أربعا، فلا حرج عليه، وهو مأجور ومشكور، إذا نوى بذلك إظهار دين الله، وتكثير الأمة، وغض بصره، وإحصان فرجه، والإحسان إلى أخواته في الله المحتاجات إلى النكاح، فهو مشكور ومأجور، والواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المسلمات، أن يرضوا بما شرع الله، وأن يحذروا الاعتراض على ما شرعه الله، وأن يخافوا نقمته سبحانه، وعقابه باعتراضهم ومخالفتهم لأمر الله -عز وجل- ، وقد قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾[محمد: 9] فأخشى على من كره هذا المشروع، أن يحبط عمله ويخرج من دينه، وهو لا يشعر نسأل الله العافية، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾[محمد: 28] المقصود أنه على المؤمن أن يرضى بما شرعه الله، وأن يبغض ما أبغض الله، وأن يكره ما كرهه الله، وأن يحب ما أحبه الله في جميع الأمور، إذا كان مسلما مؤمنا، يخاف الله ويرجوه. فنسأل الله للجميع الهداية والسلامة. 

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/330- 334)

أضف تعليقاً