الجمعة 10 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 2 أيام
0
المشاهدات 720
الخط

حكم التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم - بعد الدعاء

السؤال:

جزاكم الله خيراً هذا السائل يقول: ما الحكم في أشخاص يتوسلون بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟ بعد دعاء الرجل يقول: بجاه سيدنا محمد، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

الجواب:

نوجهكم إلى أن تَدَعُوا التوسل بجاه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ؛ لأن ذلك من البدع، ولأن جاه النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينفعك، والله -تبارك وتعالى- إنما يتوسل إليه بما يكون سبباً ووسيلة لحصول المقصود، وجاه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- باعتبار الداعي لا يفيده، ونحن لا نشك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم، وأن له جاهاً عظيماً عند الله -عز وجل- كسائر إخوانه من المرسلين، ولكن جاهه عند الله إنما ينتفع به هو -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، أما نحن فلا، وقد أبدلنا الله تعالى عن التوسل المحرم بتوسل مباح، فلماذا نعدل عن التوسل المباح المشروع إلى توسل لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة، وليس أيضاً هو سبباً لحصول المقصود؟ فمن التوسل في الدعاء: التوسل إلى الله -تبارك وتعالى- بأسمائه عموماً مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء المشهور: «أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري.. الخ» أو يتوسل باسم خاص من أسماء الله مناسب لما يدعو به، مثل أن يقول: اللهم يا واسع المغفرة اغفر لي، أو: يا رحيم ارحمني، أو يقول: اللهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وما أشبه ذلك، ومنه حديث: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني إذا علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي» أو يتوسل إلى الله تعالى بصفاته، أي بصفة من صفاته، مثل: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم» إلى آخر دعاء الاستخارة المشروع. أو يتوسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله، مثل قوله: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أو يقول: اللهم كما مننت على فلان بالعلم والعمل أنعم علي بمثل ذلك. أو يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان به واتباع رسوله، مثل قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾[آل عمران: 53] ومثل قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾[آل عمران: 193] ومن ذلك توسل أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة عجزوا عن إزالتها عن باب الغار، فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم، والحديث في ذلك مشهور معلوم. أو يتوسل إلى الله -عز وجل- بحاله، أي: بحال الداعي، مثل أن يقول: اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي، أو يقول: اللهم إني فقير فأغنني، وكقول موسى -عليه الصلاة والسلام-: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾[القصص: 24] أو يتوسل إلى الله -تبارك تعالى- بدعاء العبد الصالح الذي ترجى إجابته، مثل قول عكاشة بن محصن- لما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب- قال: ادع الله أن يجعلني منهم. فهذه الأنواع من التوسل أنواع مشروعة، وفيها الكفاية عن التوسل إلى الله تعالى بما ليس بوسيلة، فالتوسل إلى الله تعالى بجاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- توسل بدعي ممنوع، وفي التوسل المشروع المباح غُنية عنه. 

المصدر:

الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

أضف تعليقاً