الجمعة 10 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 1035
الخط

حكم الانشغال بالعلوم الشرعية وترك العلوم الدنيوية كالرياضيات..

السؤال:

سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله-: يوجد من شباب اليوم من صرف اهتمامه في مذاكرة الحديث والتفسير والتوحيد والفقه فقط، مع إهمالهم لمواد أخرى مثل الرياضيات والعلوم، ونرى من هؤلاء من يتشددون في الدَّين تشدداً عظيماً، فما نصيحتكم؟

الجواب:

لا شك أن ما ذكره السائل من أن العلم لا يقتصر على العلوم الشرعية كعلم التفسير والحديث والتوحيد والفقه وما يتعلق بذلك، لكن العلم المحمود على كل حال هو هذه العلوم التي أمر الله بها، وهي التي فيها الفضل، وهي التي قال الله تعالى فيها: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر: 28]، وقال فيها: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11]. وقال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة». وقال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين». أما العلوم الأخرى التي تتعلق بالدنيا فهي من العلوم المباحة التي إن اتخذها الإنسان وسيلة إلى خير كانت خيراً، وإن اتخذها وسيلة إلى شر كانت شراً، فهي لا تحمد لذاتها ولا تذم لذاتها؛ بل هي بحسب ما توصل إليه.   وهناك علوم أخرى علوم ضارة، إمَّا في العقيدة، وإمَّا في الأخلاق، وإمَّا في السلوك، فهذه محرمة وممنوعة بكل حال. فالعلوم ثلاثة أقسام: محمودة بكل حال. ومذمومة بكل حال. ومباحة يتعلق الذم فيها، أو المدح بحسب ما تكون وسيلة له. والنصوص الواردة في فضل العلم والحث عليه تتعلق بالقسم الأول فقط. وهو المحمود بكل حال، وإذا كانت العلوم التي تتعلق بالدنيا نافعة للخلق ولا تشغل عما هو أهم منها كان طلبها محموداً لما توصل إليه من النفع العام أو الخاص، ولا ينبغي لنا أن نحتقرها حتى لا نجعل لها قيمة في حال تكون مفيدة للخلق.   وأما قول السائل: من أنه يرى من هؤلاء من يتشددون في الدِّين تشددّاً عظيماً. فالتشدد والتفريط أمر نسبي، فقد يرى الإنسان الشيء شديداً فالتشدد والتفريط أمر نسبي، فقد يرى الإنسان الشيء شديدًا وهو في نظر غيره يسير، وقد يرى الإنسان الشيء يسيراً وهو في نظر غيره شديد. والمرجع في ذلك إلى ما تقتضيه الشريعة المبنية على كتاب الله -عزّ وجلّ- وعلى سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن كان ما يقومون به من أعمال موافقة للكتاب والسنة فليس بتشديد، بل هو اليسر والسهولة، وإن كان بعض المتهاونين المفرطين يرونه تشديداً فلا عبرة بما يرونه، فإنه إذا وافق الكتاب والسنة فهو يسير؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن هذا الدين يسر». لكن قد يستنكر بعض المفرطين شيئاً من شريعة الإسلام، ويظن أن القيام به تشديد فيصف المتمسكين به بالتشدد في دينهم، ونحن لا ننكر أنه يوجد فئة من الناس تتنطع في دينها، وتزيد فيه وتعنف على من خالفها في بعض الأمور التي يسوغ فيها الاجتهاد، وشمع الأمة فيها الخلاف، وهؤلاء لا عبرة بهم؛ لأنهم مُفْرِطُون، والذين يتساهلون ويرون أن التمسك بالشريعة تشديد لا عبرة بهم أيضًا؛ لأنهم مُفَرِّطُون، والدين بين الغالي فيه والجافي عنه. 

المصدر:

مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/30)

أضف تعليقاً