الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم إقامة جماعة ثانية في المسجد والرد على القائلين بالمنع

الجواب
من قال إن الأصل في إقامة الجماعة المنع ؟ أي حديث يدل على أن هذا ممنوع ؟ أنا ما خالفت! هل جاء عن رسول الله حرف واحد يقول: لا تعيدوا الجماعة ؟ ما جاء، ثم إذا كان الرسول أمر شخصاً قد صلى وأدى الواجب عليه أن يصلي مع هذا، كيف نؤدي الواجب ؟ لأننا الآن نقول: إذا دخل اثنان فاتتهم الجماعة نقول: أنت الآن مطالب بالجماعة، وأنت الثاني مطالب بالجماعة، فإذا كان الرسول أقام من لم يطالب بالجماعة أن يصلي مع هذا، فكيف نقول لمن تلزمه الجماعة: لا تصل جماعة ؟ هذا قياس منقلب.
وأما تسميتها صدقة فنعم؛ لأن الرجل الذي يقوم معه قد أدى الواجب عليه، فصلاته الثانية تكون صدقة، فهي صدقة بالنسبة لأنه أدى ما وجب عليه، لكن لو كان إقامة الجماعة ممنوعاً ما أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - الصدقة؛ لأن الصدقة التي تستلزم فعل المحرم هل هي صدقة أو حرام ؟ لا يمكن أن نفعل مستحباً بانتهاك محرم لو كان محرماً.
فالمهم أن هذا تعليل لا شك أنه عليل، بل أقول: إنه تعليل ميت ما له روح إطلاقاً، لكنهم استدلوا بأن ابن مسعود جاء مع أصحابه يوماً وقد فاتتهم الصلاة، فانصرف وصلى في بيته، هل فعل ابن مسعود حجة مع وجود السنة ؟ لا. هذه واحدة.
الثانية: هل ابن مسعود - رضي الله عنه - رجع إلى بيته وصلى؛ لأن الصلاة الثانية لا تقام إلا في المسجد أو لسبب آخر ؟ لا ندري، ربما يكون ابن مسعود - رضي الله عنه - خاف أن يقيم الجماعة الثانية وهو من أصحاب الرسول أن يقتدي به الناس، وأن يتهاونوا ويقولون: هذا ابن مسعود - رضي الله عنه - تفوته الجماعة، إذاً: نحن من باب أولى.
ربما كان ابن مسعود - رضي الله عنه - انصرف إلى بيته يخشى أن يكون في قلب إمام المسجد شيء فيقول الإمام: ابن مسعود تأخر ليصلي بأصحابه؛ لأنه يكرهني - مثلاً - فيقع في قلبه شيء.
فالحاصل أنه لم يعرف السبب الذي من أجله ترك ابن مسعود - رضي الله عنه - إقامة الجماعة الثانية، وإذا كنا لا ندري ما السبب دخل المسألة الاحتمال، والعلماء يقولون: إن الدليل إذا دخله الاحتمال بطل به الاستدلال، ولكن كما قلت أولاً: عندنا حديث عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أمر بإقامة الجماعة الثانية فيمن فاتت وقال: «إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده» وهذا عام، ما قال إن من دخل مع صاحبه بعد أن انتهت الصلاة، ولهذا أنا أود من طلبة العلم ألا يأخذوا العلم من رجل واحد، أو يعتقدوا أنه معصوم من الخطأ، لا أحد معصوم، لو كان أحداً معصوماً لكان أول من يُعصم الصحابة - رضي الله عنهم - وهم يقع منهم الخطأ.
وعلى كل حال الذي نرى أن إقامة الجماعة الثانية أنها من السنة، وأما جعل ذلك أمراً راتباً فهذا هو الذي يكون من البدعة، كانوا فيما سبق في المسجد الحرام يصلي أربعة أئمة؛ إمام للحنابلة، وإمام للشافعية، وإمام للمالكية، وإمام للحنفية، لكن لما استولى الملك عبد العزيز - رحمه الله - على مكة وعلى الحجاز ألغى هذا وقال: ما يمكن مسجد واحد يكون فيه أربعة أئمة. لا يمكن.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(65)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟