الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

تقدم لها شاب متزوج فرفضه أهلها فأقدمت على الانتحار فما الحكم؟

الجواب
لا ريب أن الانتحار جريمة عظيمة، ومن كبائر الذنوب، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة» والله يقول: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[النساء: 29] هذه الفتاة حرام عليها الانتحار، والواجب عليها الصبر والاقتناع بما قسم الله لها، والتماس زوج آخر، وأما الأهل فالواجب عليهم أن ينظروا في الأمر، فإذا كان الرجل صالحًا للزواج، فينبغي أن يزوجوه، ولو كان معه زوجة فالحمد لله، قد أباح الله للمسلم أربعًا من النساء، فالواجب على أهل الفتاة، أن يخافوا الله، وأن يراقبوا الله، وأن يزوجوها إذا خطبها كفؤ، وإن كان عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث وهي الرابعة لا يضر، فقد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» في لفظ: «أمانته» «إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» فالمشروع لهم أن يزوجوا من خطب منهم إذا كان أهلا لذلك ولو كانت عنده زوجة، إذا كان دينًا مسلمًا، الله يقول جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾[الحجرات: 13] والنبي - صلى الله عليه وسلم- زوج فاطمة بنت قيس القرشية، من أسامة بن زيد، وهو مولى عتيق، أعتقه النبي -عليه الصلاة والسلام- ، وزوج عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، بلال بن رباح الحبشي أخته وهي زهرية قرشية، فالأمر بهذا واسع بحمد الله، وزيد بن حارثة تزوج زينب بنت جحش، بنت عمة النبي -عليه الصلاة والسلام- ، الأمر في هذا بحمد الله واسع، المهم الدين، فإذا كانت المرأة ترغب هذا وهو دين ومعروف بالدين فالحمد لله، الواجب ألاّ يلجئها إلى الانتحار وإلى هذا الشر العظيم، والواجب عليها هي أن تحذر الانتحار، وأن تتقي الله وأن تبتعد عن هذا الشر العظيم، وعليك أيها الخاطب أن تقنعها وأن تخوفها من الله، وأن ترغبها في الخير، وأن تقول لها: إذا تيسر الزواج بالطريق الشرعي فالحمد لله، وإلا فالواجب عليها وعليك طاعة الله ورسوله، والحذر مما نهى الله عنه، ورسوله من الانتحار وغيره، هذا هو نصيحتي للجميع: أهلها نصيحتي لهم أن يزوجوها، ونصيحتي لك أيضًا أنت أن تقنعها، وأن تنصحها، وتوصيها بالخير والصبر، حتى يقنع أهلها بالزواج، وعليك أن تنصحها أيضًا من جهة الانتحار، وأنه محرم وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب دخول النار، فالواجب عليها الحذر من ذلك، نسأل الله للجميع الهداية أما أخذها بالقوة والهروب فهذا منكر لا يجوز لك ولا لها أيضًا، بل عليكما مراعاة الأمور الشرعية والحذر مما حرم الله عليكما جميعًا، والله المستعان، والاختلاط شره عظيم، الواجب على المرأة أن تبتعد عن الاختلاط بالرجال، والواجب على الرجل أن يبتعد عن الاختلاط بالنساء، والواجب على المرأة أن تتستر وتبتعد عن أسباب الفتنة، فعليها الستر والحجاب، وعدم التبرج هذا هو الواجب، الله ما شرع لنا هذا إلا لمصلحة الجميع ولهذا قال سبحانه: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾[الأحزاب: 33] فلولا أن التبرج يضر الجميع لما نهى عنه سبحانه وتعالى، والتبرج هو إظهار المحاسن، وإظهار الزينة، فالواجب على النساء التستر والحجاب، والبعد عن مخالطة الرجال إلا بالحشمة والحجاب، والكلام الطيب والأسلوب الحسن، البعيد عن الفتنة، وهكذا الرجل يجب عليه أن يبتعد عن الاختلاط بالنساء الكاشفات العاريات، أو شبه العاريات، يجب عليه أن يبتعد عن ذلك، أن يبتعد عن كل أسباب الفتنة، يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/122- 126)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟