الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

تاب من شرب الخمر.. فكيف يكفر عن ذنوبه؟

الجواب
لا شك أن هذا سؤال عظيم مهم وفيه ما ذكره السائل من المنكرات العظيمة كالخمر والميسر وما أشار السائل إلى عظمه من الذنوب ولكني أقول إن باب التوبة لم يزل مفتوحاً ولله الحمد فقد فتح الله بابه للتائبين في كل وقت يبسط جل وعلا يده في الليل ليتوب مسيء النهار وبالنهار ليتوب مسيء الليل وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابة أنه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب فقال الله تعالى وتبارك: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[الزمر: ٥٣] وقال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾[الفرقان: ٦٨ ، 70] فذكر الله في هذه الآية الشرك وقتل النفس بغير الحق والزنا فالشرك عدوان على الله وقتل النفس عدوان على النفوس والزنا عدوان على الأعراض ومع ذلك بين أن من تاب من هذه الذنوب العظيمة فإن الله سبحانه وتعالى يبدل سيئاته حسنات وقال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾[الأنفال: 38]، وإذا كان الكافر إذا انتهى عن كفره وتاب إلى الله منه غفر الله له ما سلف فكذلك العاصي إذا انتهى عن معصيته وتاب منها غفر الله له ما قد سلف ولكن الحقوق المتعلقة بالعباد كغصب الأموال وأخذها بغير حق يجب على التائب أن يردها إلى أصحابها فإن كانوا قد ماتوا ردها إلى ورثتهم فإن جهلهم فإنه يتصدق بها عنهم وتصل إليهم وتبرأ بها ذمته هذا إن لم يكن أخذ هذه الأموال بمعاوضة وعقد بمعاملة مع أصحابها فإذا كان أخذ هذه الأموال بعقد ومعاملة ومعاوضة مع أصحابها، فإنه لا يردها إليهم مثل الميسر الذي ذكره السائل إنه كان يأخذه فإن هذا بعقد صادر عن رضا من الآخر فلا يلزمه إن يعيد إليه ما أخذه منه ولكن يتصدق به تخلصا منه ولا يرده إلى صاحبه؛ لأنه لو رده إلى صاحبه لجمع له بين العوض والمعوض أو لو رده إلى صاحبه لرده إليه وهو راض بخروجه منه على وجه محرم نعم لو فرض أن صاحبه جاهل بأن الميسر حرام فهنا نقول: رده على صاحبه ؛ لأنه أعطاه إياك معذورًا .
وخلاصة القول: إن من تاب من أي ذنب فإن الله يتوب عليه لكن إذا كان الذنب متعلق بحقوق الآدميين التي يجب ردها إليهم فإنه لا تتم التوبة إلا برد هذه الحقوق إلى أهلها.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟