الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الضابط في لباس المرأة المسلمة

الجواب
أود أن أذكر قاعدة مفيدة في هذا الباب وهي أن الاصل في الألبسة الحل والإباحة حتى يقوم دليل على التحريم لقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾[الأعراف: 26] ولقول الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ َ﴾[الأعراف: 32] فهذه القاعدة يجب أن نبني عليها حكم ما يلبسه الرجال والنساء فنقول الأصل في ذلك الحل حتى يقوم دليل على تحريمه
ومما جاءت الأدلة بتحريمه أن تلبس المرأة لباساً يختص بالرجل أو يلبس الرجل لباساً يختص بالمرأة لأن هذا يكون من باب التشبه وقد ثبت عن النبي-عليه الصلاة والسلام-: «أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء» هذا واحد.
ثانياً: مما ورد تحريمه التشبه بالكافرات بمعنى أن يلبس الرجل لباس رجال يختص بالكفار لا يلبسه غيرهم أو تلبس المرأة لباساً يختص بالنساء الكافرات لا يلبسه غيرهن فإن هذا حرام ولا يجوز لأن التشبه بالكفار محرم لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «من تشبه بقوم فهو منهم» ولأن التشبه بالقوم يؤدي إلى احترامهم في الظاهر وإلى اعتزازهم بتقاليدهم وما هم عليه قال أهل العلم ولأن التشبه بهم في الظاهر قد يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن في العقيدة والأخلاق وبهذا يهلك المسلم وينسلخ من مقومات دينه الظاهرة والباطنة.
ثالثاً: مما يحرم لبسه أن يلبس الرجل ذهباً خواتم أو قلادة أو أسورة أو غير ذلك لأنه ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه حرّم الذهب على الرجال حتى إنه قال لرجل رأى عليه خاتم ذهب: «يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده أو قال في أصبعه ثم نزعه النبي-صلى الله عليه وسلم- من أصبع الرجل وطرحه» وأما النساء فلهن أن يلبسن من الحلي ما جرت به العادة من ذهب أو فضة أو غيرهما بشرط ألا يشتمل على محرم.
ومن الأشياء المحرمة وهو الرابع أن يلبس الإنسان ما فيه صورة من ثياب أو فنائل أو أخمرة أو سراويل أو غيرها وكذلك ما يفعله بعض النساء من لباس حلي من الذهب أو من غير الذهب على شكل حيوان ثعبان أو فراشة أو ما أشبه ذلك فإن هذا محرم وذلك لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة واصطحاب الإنسان للصورة في لباسه من أعظم ما يطرد الملائكة عن دخول البيت ولا فرق في هذا بين الصغار والكبار على القول الراجح وقد ذكر فقهاء الحنابلة قاعدة في هذا الباب مهمة وهي أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على البالغ.
ومن ذلك أي من اللباس المحرم أن يلبس الإنسان ما لا يستر عورته كما يفعله بعض الناس من الرجال حيث يلبسون ثياباً خفيفة تحتها سراويل لا تستر ما بين السرة والركبة ثم يصلون فيها فإن هذا من اللباس المحرم الذي لا يستر ولا يجزئ في الصلاة وكذلك بعض النساء يلبسن ثياباً قصيرة أو ضيقة أو خفيفة يرى من ورائها الجلد ويرى من ورائها من الضيق حجم البدن كأنما فصل الثوب عليه تفصيلاً لازقاً به فإن هذا حرام على المرأة لقول النبي-عليه الصلاة والسلام-: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم أسياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسمنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»
والأفضل في لباس المرأة أن يكون ساتراً من رؤوس الأصابع في الكفين إلى القدمين والستر بالنسبة للكف قد يكون بثوب واسع طويل الكم وقد يكون باستعمال القفازين فإن لباس القفازين للنساء كان معروفاً على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- بدليل أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لما ذكر ما تجتنبه المحرمة قال: «ولا تلبس القفازين» وهذا يدل على أن من عادة النساء في ذلك الوقت لباس القفازين لأنه يستر الكف أما بالنسبة للباس الرأس فإن المرأة تلبس خماراً تستر به رأسها وتستر به وجهها أيضاً عن الرجال الأجانب لأنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها للرجال الأجانب لدلالة الكتاب والسنة على منع ذلك ودلالة النظر الصحيح السليم على أنه لا بد من ستر المرأة وجهها لما في كشفه من الفتنة التي قد تؤدي إلى الفاحشة الكبرى هذا ما يحضرني الآن منعه من اللباس وقد يكون هناك أشياء أخرى غابت عني الآن لكن القاعدة التي بينتها أولاً وهو أن الأصل في اللباس الحل حتى يقوم دليل على التحريم وذكرت في ذلك آيتين من كتاب الله وهما قول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾[الأعراف: 26] وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ﴾[الأعراف: 32] وربما يضاف إلى ذلك آية ثالثة وهو قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[البقرة:29].
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟