الجواب
هذه مسألة كما ذكرت خطيرة وهي التكفير والتبديع والتفسيق وما إلى ذلك، تجد بعض الناس يتحاشى أن يقول: هذا حلال أو هذا حرام إلا بعد أن يكون ذلك ثابتاً بالشرع.
ويقول: ليس لي أن أحلل وأحرم، التحليل والتحريم من الله ورسوله، لكنه في مسألة التكفير يتساهل، ويكفر من لا يكفره الله ورسوله، ولم يعلم هذا المسكين أن خطر التكفير أعظم من خطر التحليل والتحريم؛ لأن من كفر من ليس أهلاً عاد كفره عليه كما أخبر بذلك النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ سواءً قلنا: إنه يعود إليه شرعاً، أو يعود إليه قدراً، فهو لن يتخلص من أن يكون كافراً إذا كفر من لم يكفره الله ورسوله.
وأما حصر التكفير بالاعتقاد فهذا غلط أيضاً ومخالف للقرآن وللسنة وأقوال السلف: أما القرآن: فإن الله تعالى ذكر عن إبليس أنه كفر مع أن إبليس مقر بالله عز وجل وعالم بما له من الأسماء والصفات والقدرة، ومع هذا كفر بتركه السجود الذي أمر به، وهذا ليس كفراً عقدياً بل هو كفر عملي.
وأما السنة: فقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» ، وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» وهذا كفر عملي يكفر بترك الصلاة مع اعتقاده وجوبها.
وأما مخالفته لأقوال السلف: فقال عبد الله بن شقيق رحمه الله: [كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لا يرون شيئاً من الأعمال -وانتبه إلى قوله من الأعمال- تركه كفر غير الصلاة] .
فالكفر نوعان: كفر جحود وتكذيب، وكفر استكبار وإباء، وكلاهما ثابت.
وأما المفرط الذي يكفر كل إنسان كان على غير رأيه فهذا أيضاً على خطر عظيم، ويشبه أن يكون من الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة، ويقولون: إن فاعل الكبيرة كافر مخلد في النار.
فعليك بالطريق الوسط لا تتجاوز ما دل عليه الكتاب والسنة، والعباد عباد الله، هو الذي يحكم بكفر هذا أو إسلام هذا، وأنت لست محللاً ولا محرماً، ولا مكفراً ولا نافياً للكفر، الأمر إلى الله عز وجل.
فرأيي: أن هؤلاء مفرطون، وهؤلاء مفرطون، فمن كفر بكل شيء فهو مفرط، ومن نفى الكفر العملي فهو مفرط.