الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الرد على ما جاء في كتاب: (الإنصاف فيما جاء في الأخذ من اللحية . . من الخلاف)

الجواب
وبعد الدراسة والتأمل أجابت اللجنة بما يأتي: أن هذا الذي قاله في هاتين المسألتين خطأ واضح؛ لأنه من المستقر في الشرع المطهر وجوب إعفاء اللحية بدلالة الفطرة وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم- وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتوفير اللحية، والأصل في الأمر أنه للوجوب، والأمر بمخالفة المشركين من المجوس وغيرهم، والأصل في النهي أنه للتحريم، وأنه يحرم على المسلم التعرض للحيته بحلق أو قص أو نتف لمخالفته الدلائل المذكورة، وأدلة هذا الحكم كما يأتي:
أما دلالة الفطرة: فقد ثبت من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك» الحديث. رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.
وأما سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه «كان -صلى الله عليه وسلم- كث اللحية»، وفي لفظ: «كثير شعر اللحية». وكانت قراءته -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة السرية يعرفها من خلفه باضطراب لحيته، كما في (صحيح البخاري) وغيره من حديث أبي معمر -رضي الله عنه-.
وأما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم-: فقد كثرت السنن الصحيحة بذلك صريحة في الأمر بها بلفظ: «أعفوا اللحى» ، ولفظ: «أرخوا»، ولفظ: «وفروا»، ولفظ: «أوفوا». وهذه الألفاظ تعني عدم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف.
وهذا الأمر بإعفاء اللحية قد حكى الإجماع على وجوبه ابن حزم -رحمه الله تعالى- ، كما نقله عنه ابن مفلح -رحمه الله تعالى- في (الفروع) (1/131).
لهذا فيجب على كل مسلم إعفاء لحيته؛ إبقاء للفطرة، وتأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في فعله، وامتثالا لأمره -صلى الله عليه وسلم- بإعفائها ومعلوم أن الأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد صارف لذلك عن أصله، ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك.
وأنه لا يجوز لمسلم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف، فإن ذلك حرام على المسلم فعله؛ لمخالفته الدلائل المذكورة، ونهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، وأصل النهي للتحريم حتى يوجد صارف له عن أصله، ولا نعلم دليلا يصلح للاحتجاج به يصرفه عن ذلك الأصل.
وبناء على ما ذكر فإن القول بجواز قص ما زاد على القبضة قول معارض لهذه الأدلة الجلية من السنة النبوية، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر: 7]، وقوله عز شأنه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: 21]، ويقول عز من قائل: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب: 36].
فالواجب على المسلم طاعة الله تعالى وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وترك الالتفات إلى ما يخالف الأدلة الشرعية، فإن الواجب هو اتباع المعصوم -صلى الله عليه وسلم- كما أن ما ذهب إليه المؤلف من كراهة الصبغ بالسواد قول مخالف للصواب؛ لأن الأدلة من السنة صحيحة صريحة في النهي عنه، وأصل النهي للتحريم، ولم يوجد دليل صارف عنه.
لهذا رأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار هذه الفتوى؛ بيانًا للسنة ونصرة لها وتحذيرًا من الاغترار بالأقوال المهجورة المخالفة للسنة، ومنها ما ذهب إليه صاحب الكتاب المذكور، وننصحه بأن عليه مراجعة الحق والرجوع إليه، والكف عن نشر مثل هذا الرأي الذي يخالف السنة القولية والفعلية، وما جرى عليه عامة المسلمين من الصدر الأول الصحابة -رضي الله عنهم- إلى عصرنا، ولما في نشر الآراء المخالفة للأدلة الشرعية من ترقيق الديانة وتجرئة الناس على مخالفة السنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(4/ 53 -56)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ. ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟