الأحد 23 رمضان 1446 هـ

تاريخ النشر : 30-12-2024

حكم استلام الركن اليماني وتقبيله

الجواب

الطائف بالكعبة له أن يقبل الحجر الأسود، وله أن يستلمه، ويقبل يده إذا استلمه بيده، وإن استلمه بمحجن أو بعصا أو بغيره فله أن يقبل ما استلم الحجر به، وله أن يشير إليه، لكن لا يقبل ما أشار إليه، فالمسنون بالنسبة للحجر الأسود ثلاثة أشياء: التقبيل، والاستلام وتقبيل ما استلـم بـه كـيـده أو عصاه، وإن أشار بيده أو بعصا فلا يقبل ما أشار به إليه، هذا مع التكبير إذا حاذى الحجر الأسود. 

أما الركن اليماني فهو يستلم دون تقبيل ولا يشار إليه، هذا الثابت عن عليم وهو الأسوة -صلوات الله وسلامه عليه- وكان في حجته يقول: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُ بَعْدَ حَجْتي هذه» [رواه مسلم (1297)]، فما روي عنه أنه أشار إلى الركن اليماني، ولم يقبله صلوات الله وسلامه عليه، وفي القرآن العزيز: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، ولذا روي: أن معاوية -رضي الله عنه- لما استلم الركنين الشامي والعراقي قال له عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: لماذا تستلمهما؟ فقال: ليس في البيت شيء مهجورًا، قال له عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21] فقال معاوية -رضي الله عنه-: صدقت. [رواه أحمد (1/246) والطبراني في الأوسط (3/17) وابن عبدالبر في التمهيد (10/52)]. 

وأهل العلم أيضًا يقولون: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- استلم الحجر الأسود وقبله وأشار إليه، واستلم الركن اليماني؛ لأنهما على قواعد إبراهيم -عليه السلام- بينما الركن الشامي، والركن العراقي، لم يستلمهما؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم -عليه السلام-  لقوله فيما ثبت عنه في صحيح مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها-: «يا عَائِشَةُ لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبيًا، وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذرع من الْحِجْرِ، فإن قريشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ»، فحينئذ لم يكن الركن الشامي أو العراقي على قواعد إبراهيم -عليه السلام- التي أسس عليها البيت، ويتضح هذا بأن الناس الآن يطوفون من وراء الحجر، ولو طاف طائف من وسط الحجر لما كان طوافه صحيحًا، بل على الطائف أن يستوعب الكعبة والحجر؛ لأن الحجر مع الكعبة هو مجموع البيت الأصلي الذي هو قواعد إبراهيم -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وبهذا يتبين والله أعلم السبب في أن النبي لم يستلم الركنين الشاميين، وأنه اقتصر على استلام الحجر الأسود وتقبيله، واستلم الركن اليماني وهو الأسوة وبه القدوة وهو المشرع صلوات الله وسلامه عليه.

المصدر:

[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8 /181)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟