الإثنين 19 شعبان 1446 هـ

تاريخ النشر : 25-12-2024

هل يجوز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال؟

الجواب

لا يجوز رمي الجمار أيام التشريق، يعني أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر قبل الزوال أبدًا؛ لأن النبي كان مقيمًا هذه الأيام بمنى وهو المشرع والشريعة تؤخذ من قوله وفعله -صلوات الله وسلامه عليه- وقد انتظر حتى زالت الشمس، ولم يرم إلَّا بعد الزوال، وقال -صلى الله عليه وسلم- في عدة مواقف في حجته تلك التي هي حجة الوداع والتي قال في خطبته فيها: «لَعَلِّي لا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هذا» [رواه الترمذي (886)، والنسائي في الكبرى (4002)، وابن ماجه (3023) وأحمد (3/367)، من حديث جابر -رضي الله عنه-]، وفعلًا لم يلقهم بـعـد عـامـه -صلوات الله وسلامه عليه- بل انتقل إلى الرفيق الأعلى، وكان يقول في كل موقف: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُ بَعْدَ حَجَّتي هذه» [رواه مسلم (1297) من حديث جابر -رضي الله عنه-]. 

فعلم من هذا أنه لو كان الرمي مشروعًا أو جائزًا أو مجزيًا قبل الزوال لفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعلوم قطعًا أنه -صلوات الله وسلامه عليه- بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه: «ما خير بين أَمْرَيْنِ قَط إلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا ما لم يَكُنْ إِثْمًا،  فان كان إِثْمًا كَان أَبْعَدَ النَّاسِ منه» [رواه البخاري (3560) ومسلم (2327) من حديث عائشة -رضي الله عنها-]،  وأنه كان أحرص الخلق على الرفق بأمته، وعلى أن لا يعنتهم، وألَّا يفعل شيئًا من شأنه أن يشق عليهم، ولذا جاء عنه -صلوات الله وسلامه عليه- في قيام رمضان أنه كان يُصَلِّي من اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ وَجَدَارُ الْحُجْرَةِ قصير، فَرَأَى الناس شخص النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَقَامَ معه أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ،  صَنَعُوا ذلك لَيْلَتَيْنِ أو ثلاثًا، حتى إذا كان بَعْدَ ذلك جَلَسَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يَخْرُجُ، فلما أَصْبَحَ ذَكَرَ ذلك الناس، فقال: «إني خَشِيتُ أَنْ تُكتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاةُ اللَّيْلِ» [رواه البخاري (729)]. 

فهو -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع لم يرم إلا بعد الزوال -وهو الرؤوف الرحيم بأمته- فالرمي قبل الزوال لا يجزئ ولا يجوز، وإنما يرمي الإنسان بعد الزوال إلى غروب الشمس، وهذا الوقت المفضل، فإن ضاق الوقت أو حصل مشقة فليرم بالليل، أي: يرمي لليوم الحادي عشر ليلة الثاني عشر وهكذا. 

المصدر:

[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8 /254)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟