{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11] المعقبات هنا: الملائكة الذين يتعاقبون على العبد؛ لأن العبد موكل به ملائكة، منهم ملائكة للكتابة –كتابة أعماله-، ومنهم ملائكة لحفظه، وهؤلاء الملائكة يقال لهم: المعقبات.
وقوله سبحانه وتعالى: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} قال بعض العلماء: هم أربعة: اثنان من بين يديه، واثنان من خلفه {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (من) هنا اختلف فيها المفسرون، بعضهم أجرى (من) على معناها الأصلي، وقال: إن معنى الآية: يحفظونه، وذلك الحفظ له من أمر الله، وهؤلاء أيضًا اختلفوا، فقال بعضهم: (من) هنا على معناها الأصلي، ويحفظونه: قدر وحفظهم له من أمر الله، وليس من تلقاء أنفسهم، ولكن الله عز وجل أمرهم بذلك.
وقال آخرون -الذين قالوا بأن (من) على معناها الأصلي-: { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: فإذا أتى قدر الله، خلوا ما بين العبد وبين قدر الله، يحفظونه من المرض، فإذا أتى أمر الله –الذي هو الأمراض-، أمر الله عز وجل الكوني –الذي ذكرت- بوقوع الآفات، أن يقع له حادث، أو يعتدي عليه أحد، فالملائكة تحفظه من ذلك الشيء، تحفظه من أن يتنقل له المرض، تحفظه أن يصاب بهذا الشيء، تحفظه من ذلك {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} يعني: مما سيصيب العبد لو تركته الملائكة، يعني: الذي هو من أمر الله الذي يحدث في ملكوته، فوجود الأمراض، والآفات، والمصائب، ووجود ما ينغص على العبد هذه كلها وقعت في كون الله بأمرهن فالملائكة تحفظ العبد من هذه الأشياء، التي هي من أمر الله، هذا قول الذين أبقوا (من) على معناها.
وآخرون قالوا: (من) هنا بمعنى الباء، يعني: يحفظونه بأمر الله، وهناك من يقول بالتضمين –طبعًا وهو الأصح-، ويكون هنا يحفظونه من أمر الله، بمعنى (من) الأصلية، أي: يحفظونه، وذلك الحفظ والحراسة من أمر الله، وليس من فعل الملائكة وحدهم من جهتهم، دون أمر الله لهم، هذا فيه بيان فضل الله على العبد ونحو ذلك، والله أعلم. [شرح العقيدة الواسطية].
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (8/ 5-6)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟