الثلاثاء 14 ربيع الأوّل 1446 هـ

تاريخ النشر : 01-08-2024

مدة قصر الصلاة في السفر

الجواب

العلماء رحمهم اللّه اختلفوا في هذه المسألة اختلافا كبيرا، فذكر النّوويّ رحمه الله في (شرح المهذّب) فيها نحو عشرين قولا أو أكثر، والمشهور أنّ من نوى إقامة أكثر من أربعة أيّام انقطعت عنه أحكام السّفر من بعض الوجوه، لا من كلّ الوجوه، بمعنى أنه لا يقصر الصّلاة ولا يفطر في رمضان، ولا يمسح الخفّين أكثر من وليلة، لكنّه لا يكون إماما في الجمعة، ولا يكون محسوبا من العدد على القول بالعدد، ولا يصح أن يكون خطيبا في الجمعة؛ لأنّه ليس مستوطنا. فجعلوا حكمه بين هذا وهذا.

وبعض العلماء حده بتسعة عشر يوما؛ كابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: إذا نوى إقامة أكثر من تسعة عشر يوما فإنّه لا يقصر، ودون ذلك يقصر، واستدلّ بأنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أقام في مكّة عام الفتح تسعة عشر يوما يقصر الصّلاة، ولم يصم في رمضان؛ لأنّه دخل مكّة في عشرين رمضان أو قريبا من ذلك عام الفتح سنة ثمان، ولم يصم، ولم يتمّ الصّلاة، فقال ابن عبّاس: ما جاءت به السّنّة تسعة عشر يوما يقصر الإنسان ويفطر في رمضان، وما زاد على ذلك يصوم ولا يقصر.

واختار بعض العلماء -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- أنه لا حدّ لذلك؛ لأنّ السّنّة لم تأت بحد، فما هناك حديث عن الرّسول -صلى الله عليه وسلم-، أنه متى أقمتم أكثر من كذا فلا تقصروا الصّلاة، فالأصل أنّ من فارق وطنه إلى بلد ليقيم فيه لحاجة ثمّ يرجع الأصل أنه مسافر. ([1])وهذا القول هو الّذي أطمئنّ إليه، وهذا هو الّذي تدلّ عليه عندي الواردة عن النّبيّ ([2]). وعلى هذا فمن أراد الإقامة إلى تمام شهر رمضان فهو في حكم المسافر، ولكن لا ينبغي، بل لا يجوز أن يتخلّف عن الجماعة؛ لأنّ صلاة الجماعة واجبة على المسافر وعلى المقيم، وإذا دخل في الجماعة فلا بدّ أن يتمّ صلاته.

كما يمكنك الاطلاع أيضا على  : حكم من لا يتحكم في البول



المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين ( 14 /44)]


هل انتفعت بهذه الإجابة؟