ليلة القدر لم يرد نص صحيح صريح بأنها في ليلة معينة، بل أصح الأقوال أنها في العشر الأواخر من رمضان، ولعل في إخفائها وعدم تعيينها في ليلة معينة من الفوائد ما يجعل المسلم يجتهد فيها، ويكثر من التضرع، ويكثر من سؤال الله –عز وجل-، ويكثر من الاستغفار والتوبة، ويكثر من فعل الأسباب التي تجلب رضا الله –عز وجل- والتي هي مكفرة للذنوب، هذا هو والله أعلم من أسباب عدم تعيين هذه الليلة المباركة بليلة معينة.
وقد وقع مثل ذلك في الساعة التي هي في يوم الجمعة، فإنها لم تعين تعيينًا قطعيًا في أية ساعة كانت؛ لأن في يوم الجمعة ساعة لا يصادفها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه.
فمن أهل العلم من قال: إنها حين يدخل الخطيب ويجلس ينتظر المؤذن، ومنهم من قال: إنها بعد العصر، أقوال كثيرة لأهل العلم، وإن كان من أرجح الأقوال أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس، كما أن بعض أهل العلم يرجحون أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وهي أرجى الليالي لتحري ليلة القدر، ولاسيما إذا كانت ليلة سبع وعشرين ليلة الجمعة.
وكذلك إخفاء الاسم الأعظم لله –عز وجل- الذي إذا دعاء به الإنسان أجاب الله دعاءه حتى يتحرى أكثر الأدعية اشتمالًا على الاسم الأعظم، وحتى لا يقف الإنسان عند عمل مختصر وقصير؛ إذ المطلوب من العبد كما قال الله –عز وجل-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، فالخلق إنما خلقوا لعبادة الله –عز وجل- شأنه إذ لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين، بل هو غني عن الخلق كلهم برهم وفاجره، وإنما أمرنا بالعبادة، ورغبنا فيها، وحذرنا من المعصية من أجلنا، فالخير كله يعود لنا إذا أطعنا كوفئنا على ذلك وأجزل لنا العطاء الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، كما هو الحال في رمضان كما في الحديث الصحيح عن جزاء الصيام: «الصوم لي وأنا أجزي به» [رواه البخاري (7492)، ومسلم (1151)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] وأن الصيام جزاؤه مضاعف، وأنه لا يعلم مقدار جزاء الصائم إلا الله –عز وجل-.
فليلة سبع وعشرين هي أرجى الليالي لمن يتحرى ليلة القدر، ولاسيما إذا كانت ليلة جمعة كما تقدم ولكن جميع ليالي العشر الأواخر هي مظنة الحصول أو وقوع ليلة القدر في واحدة منها، والأوتار كليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، فهي أرجى من الشفع وليلة سبع وعشرين أرجاها.
[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (7 /215-216)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟