الجمعة 25 ذو القعدة 1446 هـ

تاريخ النشر : 04-08-2024

كم تعادل الصلاة في المسجد الحرام

الجواب

ينبغي أن نعلم أن تفضيل المسجد الحرام بمئة ألف صلاةٍ خاص بالمسجد هذا، وليس عامًا لكل المساجد، ولا عامًا لجميع منطقة مكة والحرم، والدليل على ذلك قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء : 1]، وقول النّبيّ -صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلمٌ عن ميمونة -رضي الله عنها - : «صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد إلّا مسجد الكعبة»،  ولقول النّبيّ -صلى الله عليه وسلم - : «لا تُشدّ الرّحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرّسول -صلى الله عليه وسلم-،  ومسجد الأقصى».

 فهذه ثلاثة أدلّة آيةٌ وحديثان، ووجه الدّلالة من الآية أنّ اللّه قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1]، فقد أسري برسول الله من حجر الكعبة، كما ثبت في صحيح البخاري وغيره وليس من بيت أمّ هاني، وما رُوي أنه من بيت أمّ هاني، فقد أجاب العلماء عنه بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم - كان نائمًا في ذلك البيت، ثم استيقظ وقام ونام في الحجر، ثم أسري به من الحجر، والحجر المحجر هذا في الكعبة، وهو الّذي عليه الجدار القصير.

أما الحديث الأوّل -يعني حديث ميمونة- فهو صريح، حيث قال فيه الرسول -عليه الصّلاة والسّلام-: «صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد إلّا مسجد الكعبة»، والمساجد التي في مكّة ليس فيها الكعبة، فمسجد الكعبة هو هذا المسجد الّذي نحن فيه.

الثالث: «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرّسول، ومسجد الأقصى»، فلا تشدّ الرحال إلى مساجد مكة الأخرى، فلو أراد أحدٌ أن يشدّ الرّحل إلى مسجد الشّعب -مثلًا- أو الجدريّة، أو غيره من المساجد ما صح، ولا دخل هذا في الحديث، إنما تشدّ الرحال إلى المسجد الحرام مسجد الكعبة، وهذا واضح.

ولذلك لما كان فيه هذا الفضل العظيم كان أهلًا لأن تشدّ إليه الرّحال.

فإن قال قائل: ما تقولون فيما صح من حديث ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- كان نازلًا في الحديبية في الحل ويصلّي في الحرام، والحديبيّة بعضها من الحل وبعضها من الحرم، فكان ينزل في الحل، وإذا أراد أن يصلّي دخل في الحرم وصلّى.

فالجواب عن هذا أن يقال: لا شكَّ أنّ الصّلاة داخل الحرم -أي: داخل حدود الحرم - أفضل من الصّلاة في الحل، ولا أحد يشكل عليه هذا الأمر، لكن الشأن كلّ الشأن هل يحصّل مئة ألف أو لا؟

نقول: لا يحصل، لكنّ صلاته في الحرم -أي: داخل بناء الحرم - أفضل من الصّلاة في الحل.

أما الصّلاة في المسعى، أو من وراء المسعى، أو ما حول المسجد من الأسواق، أو الساحات، فإذا كانت الصّفوف متصلة فإنّه يكتب للإنسان أجر المصلّي في نفس المسجد؛ لأن الإنسان إذا كانت الصّفوف متصلّة لا يستطيع أن يصل إلى داخل الحرم، حتى لو فرض أن داخل الحرم فيه سعة، لكنّ الناس اكتظوا حول الأبواب فهو معذورٌ إذا صلّى وراءهم والصفوف متّصلةٌ، فيكتب له أجر المصلين. 


اطلع أيضًا على : حكم التأخر عن صلاة الجمعة

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13 / 344)]


هل انتفعت بهذه الإجابة؟