الإثنين 19 شعبان 1446 هـ

تاريخ النشر : 26-10-2024

قصة بناء الكعبة وتاريخها

الجواب

الكعبة أول من بناها وأسسها هو خليل الرحمن إبراهيم -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وكما قال الله –عز وجل-: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: 26]، يعني: أرشدناه ودللناه على مكانه، فلم يثبت فيما أعلم أنه بُني قبل بناء الخليل لا من قبل الملائكة ولا من قبل آدم، ولا يظهر أن هناك نص ثابت عن المعصوم أن أحدًا بنى هذا البيت قبل خليل الرحمن -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فهو الذي بنى هذا البيت هو وابنه إسماعيل أبو العرب، ثم بنته قريش ونقصته عن قواعد إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- ثم أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن قريشًا لما بنت البيت قصرت بها النفقة واختصرت البيت عن قواعد إبراهيم، وتركت منه ما يقارب حوالي الستة أذرع ونصف الذي يسمى بحجر إسماعيل، وأيضًا رفعت الباب من أجل أن يدخلوا من شاؤوا أو يمنعوا من شاؤوا، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ثبت عنه في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنه قال: «يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين: بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا، وزدت فيها ستة أذرع من الحِجر، فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة».

ولهذا لما تولي ابن الزبير -رضي الله عنهما- على الحجاز وسأل عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن هذا الحديث، وأخبرته به؛ نقض البيت وأقامه على قواعد إبراهيم -عليه السلام- وجعل له بابين، وألصق البابين بالأرض حسب ما أشار به النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم لما قُتل ابن الزبير -رضي الله عنهما- أمر عبدالملك بن مروان الحجاج أن يعيد البيت كما كان قبل بناء ابن الزبير، فأعيد كما كان على ما بنته قريش.

ولما كان عهد المهدي ابن المنصور استشار الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- إمام دار الهجرة أن ينقض الكعبة ويبنيها على ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله ابن الزبير -رضي الله عنهما- فقال الإمام مالك كلمته المشهورة: (ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم إلا نقض البيت وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس) [ذكره ابن عبدالبر في التمهيد 10/50] وكانت من الإمام مالك كلمة خالدة وكلمة نافعة وهو موفق كعادته -رحمه الله- فتركه المهدي وبقي البيت على وضعه.

هذه الأمور: بناء إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، ثم بناء قريش، ثم بناء ابن الزبير -رضي الله عنهما- له، ثم نقض بناء ابن الزبير -رضي الله عنهما- وبناؤه كأول مرة هذه الأربع المرات ثابتة تمامًا، وما قيل من أنه بني غير هذه المرات، لم يثبت فيما أعلم، ولم  يقم به دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ولهذا الآن من صلى في الحِجر فكأنما صلى داخل الكعبة؛ لأنه من البيت، ولاسيما ما يقارب ستة أذرع ونصف منه، ويسمى حِجر إسماعيل لأن هاجر أم إسماعيل كانت تضعه في هذا المكان في حال طفولته، وقيل: إن إسماعيل دفن فيه، المهم أنه يسمى حجر إسماعيل قديمًا ويعرفه المؤرخون بهذه التسمية منذ القدم.

وأكثر الحِجر من البيت؛ ولهذا لو طاف الإنسان ولم يطف بالحجر لم يصح طوافه؛ لأن الحجر من البيت، فلو أنه لما وصل إلى الحجر دخل ضمنه وكمل السبع الأشواط وهو لم يطف بالحجر لم يكن طوافه صحيحًا.

والحَجر الأسود من الجنة كما جاء في بعض الأحاديث.

وأما حجارة الكعبة الباقية فليست هي مماثلة ولا مقاربة من الحجر الأسود.

المصدر:

 [ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8/ 7-9)]


هل انتفعت بهذه الإجابة؟