الحجر الأسود موضوع في الكعبة في مكانه هذا منذ زمن طويل، وبعد أن أعادت قريش بناء الكعبة اختلفوا فيمن يضعه في مكانه، ثم بعد أن تأزمت الأمور فيما بينهم اتفقوا على أن أول داخل من هذا الباب –باب بني شيبة- هو الذي يضعه، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبروه بما حصل عليه الاتفاق، فأمر القبائل والأفخاذ الأربعة من قريش أن يضعوا ثوبًا أو رداء، وكل قبيلة تأخذ منه بجانب، ووضع الحجر الأسود في هذا الثوب، ثم لما حاذى مكانه أخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- ووضعه فيه.
وكان الحجر يُسْتَلَم وَيُقَبَّل حتى في الجاهلية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- استلمه وقبَّله؛ ولهذا قال عمر -رضي الله عنه-: (إني أعلم أنك جحر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك» [رواه البخاري (1597) ومسلم (1270) من حديث عابس بن ربيعة رضي الله عنه] فهذا هو وضع الحجر.
وجاء في الحديث: أنه «يمين الله التي يصافح بها خلقه» [رواه ابن خزيمة (4/221)، والطبراني في الأوسط (1/177)، والحاكم (1/457) من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- ورواه عبدالرزاق في مصنفه (5/39) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما]، وفي حديث آخر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة» [رواه ابن خزيمة (4/218) وابن حبان (9/24) والحاكم (1/456)، والبيهقي (5/75) من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-].
والحجر موجود قبل الإسلام في مكانه هذا، ولما جددت قريش بناء الكعبة وحصل الخلاف، حصل الذي أشرت إليه، هذا الذي أعرفه عن وضع الحجر الأسود، وقد أخذه القرامطة في القرن الرابع وبقي عندهم مدة طويلة ثم أُعيد.
[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8/ 15-16)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟