الأحد 20 رجب 1446 هـ

تاريخ النشر : 17-10-2024

ما المقصود بغربة الدين ؟

الجواب

غربة الدين نسبية: قد تكون في زمن دون زمن، وقد تكون في مكان دون مكان؛ في بعض الأمكنة في الأرض الدين غريب، ما فيه أحد أبدًا؛ فعلًا طوبى للغرباء! 

القابض على دينه كالقابض على جمر؛ ما يعرف الصلاة، مشكلة الوضوء مشكلة التزامه، تحليل الحلال، وتحريم الحرام، مصيبة، يعني كل شيء فيه، ابتلاء، ابتلاء شديد؛ ولذلك هو كالقابض على الجمر، فالغربة العامة تكون في آخر الزمان، لكن الغربة الخاصة بمكان دون مكان، أو سنين دون سنين، ابتلاء، يعني في بعض الأمكنة، فهذا حاصل، لكن الغربة العامة ليست بحاصلة الآن: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمتي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ يخذلهم حَتَّى يأتي أَمْرُ اللَّهِ» [رواه الترمذي (2176) من حديث ثوبان رضي الله عنه] فبقاء الأمة الظاهرة، الطائفة المنصورة والفرقة الناجية بقاؤها إلى قيام الساعة،  قد يقلون،  فتحصل، الغربة، وقد يزيدون، فترتفع الغربة، فقوله: «وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ» [رواه مسلم145 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] المراد به الغربة النهائية التي يكون فيها أهل الأرض كلهم على غير هدى. 

الذي لم يسافر لا يعرف نعمة الدين، ما يعرف نعمة عدم الغربة، يعني فعلاً الواحد إذا سافر يحس بالغربة، يعني شكله غير أشكالهم، وعمله غير أعمالهم، وتفكيره غير تفكيرهم، يحس كل شيء مختلفاً فعلًا، كل شيء مختلف، حتى من بعض المنتسبين للإسلام، أو ممن يدعون إليه، يحس الواحد أنه مختلف تماماً، فلذلك المسألة تحتاج إلى مجاهدة ودعوة، والشكوى إلى الله. 

أما في بلاد السنة والتوحيد، في بلادنا هذه ما يحس الإنسان فيها إلا بأن الدين عزيز وظاهر وقوي، تحليل الحلال هو الأصل، وتحريم الحرام هو الأصل، ولا كلفة ولا مشقة في أن يحل الحلال وأن يحرم الحرام، ولا يعاني في التزام الشعائر والعبادة، هذا من أعظم النعم، والذي سافر يعرف الفرق، حتى بالنسبة للرجل، كيف بالنسبة لعائلته لأسرته؟! يعني في الخارج مشكلة للمرأة في ذهابها وجيئتها، كذلك الأولاد أين يتعلمون؟ أين يدرسون؟ ماذا يتلقون؟ هذه مصيبة، الذين يعيشون في البلاد الغربية خاصة، أو الشرقية، البلاء عظيم، لذلك في بعض التحليلات قالوا - يعني الغرب - بالنسبة للذين درسوا موضوع الهجرات وكثير من الناس من هذه الأجيال المسلمين ذهبوا هناك، واستوطنوا في بريطانيا وفرنسا، فرنسا فيها أربعة ملايين مسلم، بالاسم بالتعداد، يمكن بعضهم ليس بمسلم، لكن من حيث التعداد، ويقبلون، وبريطانيا على عدد كبير ويقبلون، وألمانيا ويقبلون، وأمريكا ويقبلون، قالوا حسن كيف أنتم تُنمون الإسلام؟ 

ليس مقصودنا هؤلاء، هؤلاء سيأتي عليهم زمن وينتهون، المقصود أولادهم. أولاد هؤلاء سيكبرون، وبعد قليل سينتهون، لكن هل أولادهم سيظلون مثلهم؟ مستحيل. ما يمكن، لابد أنه يدرس معهم من الصبح إلى الليل، ويعيش في المجتمع، كيف هذا يكون عنده حس- كما يقال- إسلامي أو عنده غيره؟ 

لا. ما يمكن، فالمسألة عظيمة، المسألة عظيمة؛ فلذلك الذي يعرف نعمة الله عليه في هذا البلد يحمد الله كثيرًا، ويسعى لتثبيتها بالدعوة والخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، والبعد عن الفتن والاختلاف، هذا أصل عظيم. الله المستعان، ولابد من التغير، لابد؛ حكمة الله ماضية. [شرح أصول الإيمان]. 

المصدر:

[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (2 /49-51)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟