الرمل مشروع للرجال دون النساء، وهو المشي بسرعة في ثلاثة الأشواط الأول؛ فإنه يطوف بالبيت ويرمل والاضطباع أن يضع طرفي الرداء على منكبه، ويكون المنكب الثاني ظاهرًا، وهذا بحيث يكون أقوى له وأنشط في الرمل، وهو مسنون في طواف القدوم فقط، فإن فعله الإنسان فحسن وإن لم يفعله فلا شيء عليه، وإذا كان الرمل يترتب عليه أذية أحد من الطائفين فإن ترك الرمل أفضل إلَّا إذا استطاع أن يرمل بعيدًا عن الزحام، وأما أنه يفعل السنة ويزاحم الناس أو يدفعهم أو يلطمهم، فإن احترام الناس وكف الأذى عنهم واجب بينما الرمل سنة، فالرمل أصله أنه لما صد المشركون النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة الحديبية وقالوا: لا يدخل محمد وأصحابه علينا عنوة، ثم حصل الاتفاق بينهم على أن يأتوا للعمرة من العام القادم، فقال الْمُشْرِكُونَ: إِنه يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قد وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا منها شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَأَمَرَ النبي أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاثَةَ أَشْوَاطِ، وَيَمْشُوا ما بين الرُّكْنَيْنِ؛ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فقال الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قد وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ من كَذَا وَكَذَا. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ولم يَمْنَعْهُ أَنْ يَأمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلا الإبقاء عليهم» [رواه البخاري (1602) ومسلم (1266]، فرملوا -رضي الله عنهم- ومعروف أنهم كانوا رجال قتال وجهاد وفر وكر وليسوا ممن توهنهم الحمى ولا أخذتهم، رفاهية، ولا شيء من حطام الدنيا وزخارفها، يمشون على أقدامهم ويقاتلون على الخيل.
فهذا أصل مشروعية الرمل، ولهذا بقي الرمل مشروعًا في الطواف الأول الذي هو طواف القدوم أو طواف العمرة في حق من دخل معتمرًا، وهو سنة للرجال، أما المرأة فلا ترمل، بل تمشي الهوينى ولا تصعد لا الصفا ولا المروة، كل هذا رفقًا بها، ولا أن تتعرض للمزاحمة والمعاركة مع الناس.
[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8 /177)].
هل انتفعت بهذه الإجابة؟