من الأمور التي يعرفها الناس كلهم إلَّا من ندر هو أنه ينبغي للصائم أن يميز يوم صيامه عن يوم فطره، وأيضًا إذا كان الصيام في رمضان فله من الميزة أكثر من الصيام في غير شهر رمضان، فإذا كان الإنسان صائمًا في شهر رمضان فإن على هذا الصائم أن يحفظ لسانه من الخوض في أعراض الناس، وأن يتحرى أن يكون مطعمه حلالًا، وإفطاره على حلال، وألَّا يضيع وقته في أعمال لا تتفق مع الصوم: من كذب، أو غيبة، أو نميمة، أو غش، أو تدليس، أو أيمان فاجرة، أو أخلاق غير محمودة، ومن الناس من ينام النهار ويسهر الليل -والعياذ بالله- سهرات غير مرغوب فيها، هذه كلها في الحقيقة لا ينبغي أن تكون في رمضان، بالإضافة إلى أنها غير مرغوب فيها في غير رمضان إلَّا أن منعها في رمضان آكد.
ومن آداب الصيام: أن يتأخر الإنسان في السحور إلى قرب طلوع الفجر.
ومن آدابه: أن يعجل الفطور، وأن يفطر على رطب طري، وإذا لم يكن رطبًا طريًا فعلى تمر طري، وإن لم يتيسر هذا فعلى ماء.
ومن آداب الصيام: أن الإنسان يحرص على تفقد أمور إخوته المحتاجين والمعوزين، فليتذكر أحوالهم في شهر رمضان، إذا كان الإنسان يتلو كتاب الله –عز وجل- فكتاب الله حجة لك أو عليك والله –عز وجل- قال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، فإذا كان الإنسان يقرأ القرآن ولو قليلًا وبخاصة الذين يقرؤونه في رمضان فقط، فعليهم أن يتدبروا ما يقرؤون ويتأملوه ويراجعوه مرة بعد أخرى، الأوامر والنواهي، والأمور التي شرعها الله –عز وجل- في هذا الكتاب العزيز، ويعرف كل واحد منهم أن هذا القرآن يخاطبه مخاطبة صريحة وواضحة وجهًا لوجه، وأن القرآن كما تقدم حجة لك أو عليك، إما أن يكون في جانب الإنسان في حياته سلوكًا ومنهجًا وعملًا، وفي قبره أنيسًا ومدافعًا عنه، ويوم حشره ونشره قائمًا إلى جانبه يدافع عنه، وإما أن يكون القرآن ضده ويا سوء حال من كان كتاب الله ضده، وفي الحديث الصحيح: «القرآن حجة لك أو عليك» [رواه مسلم (223) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه].
لو تمثلنا هذا المشهد فقط لكفى لنا واعظًا، ولكفى لنا حافزًا على أن لا نستهين ولا نقلل من أهمية كتاب الله –عز وجل-، هذا الكتاب الذي هو محل التقديس والاحترام والإجلال من الجميع، فجميع الناس يحترمون كتاب الله –عز وجل- برهم وفاجرهم، حتى الذي ليس ببر هو يحترم هذا القرآن العظيم، إلا أن علينا أن نقرن هذا الاحترام وهذا التقدير بالعمل، والمتابعة والانقياد، والامتثال لأوامر القرآن، بحيث نستفيد ونفيد ممتثلين لأوامر الله القرآن، هذا كله مما ينبغي أن يكون في شهر رمضان بالدرجة الأولى وفي غير شهر رمضان والله المستعان.
[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (7 /198-199)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟