لا يشرع مسح الرأس أكثر من مرة واحدة؛ لأن الذين نقلوا وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما في حديث حمران مولى عثمان -رضي الله عنه- أخبره: «أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض، واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه؛ غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري (195)، ومسلم (226)].
وكذلك في حديث غيره نقلوا أنه مسح برأسه، فذكروا التثليث في غسل الوجه، والتثنية في بعض الروايات في غسل الوجه، وذكروا التثليث في غسل اليدين، وذكروا التثليث في غير ذلك في غسل الرجلين، ولم يذكروا التثليث في مسح الرأس، فدل على أن المشروع في مسح الرأس أنه واحدة، ولكن روى البيهقي في السنن عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: «أنه توضأ، فغسل يديه ثلاثًا كل واحدة منهما، واستنثر ثلاثًا، ومضمض ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا كل واحدة منهما، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ هكذا» وهذه في سنن البيهقي [أخرجه أحمد 1/61، والدارقطني في سننه 1/91، والبيهقي في سننه الكبرى1/62 بلفظ «ومسح برأسه ثلاثًا] شاذة لمخالفتها للروايات الكثيرة في ذلك، والحافظ ابن حجر قال: وإن صحت، فإنه يحمل على أنه قسم مسح رأسه ثلاثًا، يعني: ما مسح رأسه ثلاث مرات، قال هذه الرواية التي في أبي داود؛ وتحمل على أنه قسم مسح رأسه ثلاث مرات، قال: هكذا واحدة، وهكذا واحدة، وهو الجنبان، لها واحدة مثلًا، فهذه تعتبر واحدة، وهي من جهة المسح ثلاث، لكن ليست لعموم الرأس، جعل مسحة واحدة، فقسمه أثلاثًا، وهذا على افتراض صحتها، لكن ليست بصحيحة.
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (3 /57)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟