الجمعة 18 رجب 1446 هـ

تاريخ النشر : 08-10-2024

حكم صيام يوم عرفة أو عاشوراء إذا وافق يوم جمعة

الجواب

نعم، إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، فإن إفراده بصوم لا بأس به؛ لأن المقصود من الصيام ليس هو صوم الجمعة، وإنما المقصود أن يصام يوم عرفة، أو أن يصام يوم عاشوراء، فإذا كان المقصود صيام عرفة أو صيام عاشوراء، فإن الذي صام سيصومه، سواء أوافق الجمعة أم وافق السبت، أم وافق غيرهما من الأيام، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرد الجمعة بصوم في غير ما حديث.
وأيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما ثبت في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» [أخرجه البخاري 1985 ومسلم 1144]. وهذا فيه النهي عن تخصيص يوم الجمعة بصيام، وهذا النهي على الكراهة عند جماهير أهل العلم؛ وذلك لأن اليوم الذي يحرم صيامه مطلقًا لا يباح صيامه بإضافة يوم قبله أو يوم بعده، كيوم العيد، فإنه يحرم صيامه مطلقًا ولذلك لا يباح صيامه إذا أضاف إليه يوما قبله أو يوما بعده.
ولهذا إذا كان مقصوده صيام عرفة، أو صيام عاشوراء، فإن صومه صحيح، ولا كراهة في ذلك؛ لأنه لم يرد تخصيص الجمعة بصيام، وكذلك تخصيص يوم السبت بصيام مكروه ككراهة يوم الجمعة.
فإنه إذا صام يوم السبت مخصصًا له الصيام، فإن هذا منهي عنه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما جاء في السنن من حديث الصماء، الحديث المعروف عن عبدالله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلا فِي مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أحدكم إلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ» [أخرجه الترمذي744 وابن ماجه1726 وأحمد6/36]، فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِي مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» حمله جماهير أهل العلم على كراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام، وعلى كراهة إفراد يوم السبت بالصيام.
ومنهم من قال: إن هذا النهي منسوخ؛ كما قاله أبو داود في السنن، وذهب إليه جماعة، ويومئ إليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومنهم من قال: إن إفراد يوم السبت بالصيام إنما هو على سبيل الوجوب، يعني: النهي على سبيل التحريم، وعدم الإفراد على سبيل الوجوب، فلا يجوز إفراده بالصيام مطلقا، سواء أوافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء، أو لم يوافق هذين اليومين، ولا يباح عندهم الصيام بإضافة يوم قبله أو بإضافة يوم بعده.

والقول الصحيح في ذلك هو الذي عليه جماهير أهل العلم، ونص عليه الأئمة في شروح الأحاديث وفي كتب الفقه من أن النهي عن صيام يوم السبت هو من جنس النهي عن صيام يوم الجمعة، فإنه لا يصام يوم السبت؛ لأنه عيد اليهود، فلا يفرد ويخصص بالصيام كما لا يصام يوم الجمعة؛ لأنه عيد للمسلمين، واليهود يصومون يوم السبت تعظيما له، والمسلمون في يوم عيدهم -يوم الجمعة- لا يجوز أن يصوموا، فإنهم لا ينبغي لهم أن يصوموا يوم الجمعة؛ لأنه يوم عيدهم.
وإذا تقرر ذلك، فإنه في يوم السبت على قول جماهير أهل العلم أنه إذا وافق يوم عرفة يوم السبت، فإنه لا بأس بصيامه أو وافق يوم السبت يوم عاشوراء، فلا بأس بصيامه ؛ لأنه لم يقصد التقرب بصيام يوم السبت، وإنما قصد عاشوراء، ووقع السبت اتفاقًا، وكذلك لو كان يصوم يوما، ويفطر يومًا، فوافق يوم الجمعة، أو وافق يوم السبت، فإنه –مثلًا– صام الأربعاء، ثم صام الجمعة، ثم صام الأحد أو وافق يوم السبت، فصام الخميس، ثم صام السبت، ثم صام الإثنين فلا بأس أيضًا؛ لأنه وقع في صيام يصومه، ولم يخصص هذا اليوم بصيام، وهذا هو الذي يجري مع القواعد، ويتفق به النظر في الأدلة. [شرح مسائل الجاهلية].

المصدر:

[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (3/444-446)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟