أمّا الاستغفار عند قبر النّبيّ
-صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- فلا بأس به، لكن الطلب من الرّسول أن يستغفر للإنسان
هذا منكر ولا يجوز، وقصة العتبي هذه باطلة، ولا صحة لها، وهي التي ذكرها ابن كثير في
التفسير.
فهذه الآية لا تدلّ على أن الرّسول -صلى
الله عليه وسلم- إذا أذنب النّاس جاؤوا وطلبوا منه الاستغفار، فاقرأ الآية إن كنت عربيًّا
مبينا: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} و(إذ) للماضي وليس للمستقبل،
فهي تتحدّث عن شيء مضى.
ثم إن قوله: {وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ} لا يمكن أن يتنزّل على الّذي بعد موته؛ لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم -: «إذا مات الإنسان
انقطع عمله إلّا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»،
فالنّبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- بعد موته انقطع عمله.
وما نفعله من قول أو فعل
أو عقيدة فللنبي -صلى الله عليه وسلم- مثل أجورنا؛ لأنّه هو الّذي دلنا على الخير،
ومن دلّ على الخير فهو كفاعله.
ولهذا يخطئ من يقرأ الفاتحة
مثلا ويقول: هذه لروح سيّدنا محمّد، ما أجهلك! أنت الآن حرمت نفسك الثواب، والنّبيّ
-صلّى الله عليه وعلى آله- وسلّم سوف يكون له الثواب وإن لم تهده إليه.
وبعض النّاس يصلّي ركعتين
ويقول: هذه للرسول -عليه الصلاة والسلام-، أهدي ثوابها للرسول، فنقول: يا مسكين، يا
أحمق، الرّسول -صلى الله عليه وسلم- مستغن عن هذا؛ لأن أجر الركعتين له؛ سواء قلت:
ثوابها له أو لا. لكن بعض الناس يكون معه عاطفة ومحبة للرسول -عليه الصلاة
والسلام-، وحق للإنسان أن يحبّ الرّسول -عليه الصلاة والسلام-، لكن يعمل بالشرع والعقل.
فإذا سأل سائل: هل يسمع الرّسول
ويردّ علينا؟
فالجواب: لا، ما يسمع طلب
الاستغفار أبدًا، فيسمع إذا سلمت عليه وردّ عليك.
[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن
عثيمين (14 / 520]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟