الحج -إن شاء الله- صحيح ومجزئ وكاف عن حجة الإسلام بالنسبة للذي لم يحج حجة الإسلام قبل ذلك، وأما استعمال مال الغير، أو استعمال سيارة الشركة دون إذن الشركة، أو دون إذن مالك السيارة فإن هذا لا يجوز ولا يحل، وهو استعمال لمال الغير بدون إذنه، وهذا يعتبر نوعًا من الاغتصاب واستعمال دابة أو سيارة غير مباحة ولا جائزة، فالحقيقة أن الذي أخذ السيارة، والذي أيضًا علم بحقيقة الموضوع وركب معه، وحج معه أنه أيضًا آثم وشريك في الإثم، ولكن هذا كله ليس بمانع من صحة الحج واجزائه مع الإثم على من علم، أما الذي لم يعلم فإنه لا إثم عليه، والتوسع في مثل هذه الأمور والتساهل فيها، لاسيما وأن الناس يقصدون وجه الله -عز وجل- ويذهبون إلى مشاعر مقدسة، ويطلبون من الله الخير، ثم يرفعون أكف الضراعة والافتقار في حين أنهم قد امتطوا سيارة حرام، وربما بعض الناس يأكل مالًا حرامًا، إما من رشوة، أو من سرقة، أو من اختلاس، أو من غلول، ويرجو من الله إجابة الدعوة، وفي الحديث: «أَيُّهَا الناس إِنَّ الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أمر به الْمُرْسَلِينَ فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون : 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلى السَّمَاءِ يا رَبِّ يا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» [رواه مسلم (1015) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]، كيف يُستجاب لهذا وهذا شأنه.
ثم هؤلاء كيف يريدون الحج والسيارة حرام استعمالها، وربما يكون في غيرهم اللباس حرام أو الإحرامات حرام، أو المأكول حرام، أو ما أشبه ذلك من هذه الأمور، فعلى العبد أن يتقي الله -عز وجل- وأن يعلم علم اليقين أن الله يطلع على السرائر والضمائر، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والله المستعان.
[ثمر الغصون في فتاوى الشيخ صالح بن علي بن غصون (8 /283-284)].
هل انتفعت بهذه الإجابة؟