الجواب
الذي نراه: الجواب هو أننا نعتقد أن السوق السوداء هي السوق العامة التي يبيع فيها العامة ويشتري فيها الناس غير ما يقع في البنوك والمصارف المعروفة، فالسوق السوداء التي جرى فيها الفتوى هي ما يقع بين الناس في أسواقهم في بيعهم وشرائهم وأنه لا حرج أن يبيع في السوق العامة، ولا يتقيد بما في البنوك من الأسعار هذا هو الذي أردنا، أمَّا إذا كان هناك سلع تحتكر يضر المسلمين احتكارها فهذه مسألة أخرى، مسألة احتكار: والاحتكار ممنوع، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- قال في المحتكر: «لا يحتكر إلا خاطئ» فلا يجوز الاحتكار في الأطعمة ولا نحوها على الصحيح، مما يضرّ المسلمين، الذي مثلاً يحجز السلع التي يحتاجها المسلمون من طعام أو غيره مما يحتاجه الناس حتى يغلو ثمنها، وحتى يرتفع وحتى يبيع على الناس بثمن مرتفع، هذا لا يجوز لا في السوق السوداء ولا في غير السوداء، لا يجوز للمسلم أن يحتكر ما يضر المسلمين احتكاره، حتى يبيعه في الغلاء، بل يجب أن يبيع مع الناس، ويوسّع على الناس، فليس لمن عنده طعام والناس محتاجون إليه أن يحتكره حتى يرتفع سعره، وليس لمن عنده سلاح وقت الحاجة إلى الجهاد في البلد أن يحتكره حتى يرتفع سعره، لا بل عليه أن يبيع في الحال التي يحتاجها المسلمون للجهاد الشرعي، أو لأكلهم وشربهم أو لبسهم ونحو ذلك، وليس له أن يحتكر شيئًا يضر المسلمين احتكاره، هذه قاعدة على الصحيح، وبعض أهل العلم قيد هذا بالطعام، والصواب: أنه لا يتقيد بالطعام بل كل شيء احتكاره يضر المسلمين، فإنه يمنع احتكاره، والواجب على المسلم ألاّ يحتكر طعامًا أو غير طعام، المهم ألاّ يضرَّ المسلمين، أمّا إن كانت السلعة منشورة وكونه يبقيها حتى يتغير السعر، لا يضرّ المسلمين فلا بأس، وأيضًا إذا كان حبسه لها لا يغيِّر السعر بالارتفاع، ولا يضر الناس ولكن يبقيها، يقول: لعل يكون فيها نصيب بعد حين.