يقول ما تعريف الشرك الأصغر؟ وما الضوابط التي بها يمكن الحكم على القول، أو الفعل أنه شرك أصغر؟
الشرك بجميع أنواعه سواء الشرك الأكبر، أو الأصغر، أو الخفي يشترك في كونه تنديداً مع الله -عز وجل- وهذا التنديد يعني أن يجعل لله نداً فيما هو له -عز وجل- يختلف من جهة الدليل، فمنه ما هو شرك أكبر، ومنه ما جاء في الدليل أنه شرك، لكن لم يجعل شركًا أكبر، وجاء في بعض الأحاديث تسميته: تسمية بعض أنواعه الشرك الخفي، وسماه العلماء الشرك الأصغر؛ تمييزًا بينه وبين الأكبر، اختلفوا في ضابطه مع اتفاقهم على أن الشرك الأكبر هو دعوة غير الله معه، هو عبادة غير الله -عز وجل- أو أن يجعل لله ندًا سبحانه وتعالى فيما هو من خصائصه -عز وجل- وأعظمها العبادة يعني: استحقاق العبادة.
واختلفوا في تعريف الشرك الأصغر على أقوال عند أهل العلم وفي ضبطه؛ فمنهم من قال: إن الشرك الأصغر هو: كل شرك، أو عمل يكون وسيلة للشرك الأكبر، فما كان وسيلة، وطريقًا إلى الشرك الأكبر يكون شركًا أصغر، وقد نحا إلى ذلك عدد من أهل العلم منهم: الشيخ عبد الرحمن السعدي في حاشيته على كتاب التوحيد.
والقول الثاني: وهو اختيار أو قول عامة أئمة الدعوة، وكذلك يفهم من صنيع ابن القيم، وابن تيمية -رحمهما الله- أنهم يذهبون إليه، وهو أن الشرك الأصغر: كل ذنب سماه الشارع شركًا، ولم يبلغ درجة عبادة غير الله -عز وجل- يعني لم يبلغ درجة الشرك الأكبر.
والفرق بين الأول والثاني، يعني بين التعريف الأول والثاني: أن هناك أعمالًا تكون وسيلة للشرك الأكبر، ولم يطلق عليها الشارع أنها شرك، ولم يتفق العلماء على أنها شرك. فوسائل الشرك الأكبر كثيرة، مثلاً: بناء القباب على القبور هذا وسيلة إلى الشرك، ووسيلة إلى تعظيم الأموات، وإلى أن يعتقد فيهم، وأن يتقرب إليهم، أو يتعبد عند قبورهم، ونحو ذلك يعني: أن يعبدوا عند قبورهم، ونحو ذلك؛ فبناء القباب على القبور من هذه الجهة هو وسيلة إلى الشرك الأكبر، لكن أهل العلم المتقدمين لم يعدوه شركاً أصغر مع كونه وسيلة؛ فالأضبط هو ما ذكرته لك: من أن الشرك الأصغر هو كل ذنب، أو معصية سماها الشارع شركًا في الدليل، ولم تبلغ درجة الشرك الأكبر: درجة عبادة غير الله معه سبحانه وتعالى.
مثال آخر: الذنوب؛ الذنب يطلق عليه، بعض العلماء أنه لا يصدر ذنب يعني: كبيرة من الكبائر، أو ذنب من الذنوب إلا وثم نوع تشريك؛ لأنه جعل طاعة الهوى مع طاعة الله؛ فحصلت المعصية، وطاعة الهوى وسيلة للشرك الأكبر. والذنوب منها عدد كبير هو وسيلة إلى الشرك الأكبر، ومع ذلك لم تُسم شركًا أصغر، وإن دخلت في مسمى مطلق التشريك، لا التشريك المطلق: مطلق التشريك، لا الشرك؛ فلهذا لا يصدق عليها الشرك الأكبر.
إذًا لا يستقيم التعريف الأول في عدد من الصور، والأقرب والأولى هو الثاني وهو: أن يقال الشرك الأصغر: هو كل ذنب أو معصية سماها الشارع شركًا، ولم تبلغ درجة عبادة غير الله معه. [شرح الطحاوية].
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (1 /59-61)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟