أهل العلم ضبطوا البدعة، وقالوا: إن البدعة هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي بها الطريقة الشرعية، يقصد من الالتزام بها التقرب إلى الله -عز وجل-، هذا هو تعريف البدعة في أشمل التعاريف وأصحها، إذا كان كذلك، فالذي يفعل ما ينطبق عليه أنه بدعة، فله حالان:
الحالة الأولى: أن يفعله جهلًا به، فهذا يُعلَّم، ينصح، يبيِّن له؛ لعله أن يقلع عنه، فإذا التزمه بعد البيان وبعد وضوح الحجة، فيطلق عليه مبتدع.
كذلك من سن للناس سنة سيئة، ودلهم عليها، وهي بدعة من البدع، فذلك الأول يطلق عليه مبتدع؛ إذ هو الذي ابتدع تلك الطريقة المضاهية للطريقة الشرعية التي يقصد بها التقرب إلى الله -عز وجل-.
وبالمناسبة عند قوله هنا: (لم يضبطه أحد من العلماء، ولا حتى شيخ الإسلام) ما أحب أن يكون طلبة العلم من أمثالكم جسورين على إطلاق الألفاظ، هذا الإطلاق فيه جسارة، (ضابط إطلاق المبتدع على شخص معين لم يضبطه أحد من العلماء) هل يستطيع أحد أن يقول مثل هذه الكلمة؟! (لم يضبطه أحد من العلماء)، وهل اطلع المتكلم على جميع المؤلفات، وعلى جميع من تكلم في البدع حتى يقول: (لم يضبطه أحد من العلماء)؟! وهل اطلع على كل ما كتب شيخ الإسلام حتى يقول: ولا حتى شيخ الإسلام؟! فطالب العلم يحسن، بل يتأكد عليه أن يكون ذا ورع في ألفاظه، وألَّا يقول إلا الكلمة المحررة التي لا تلتبس بغيرها، كلمة يعلم أنها هي الواقع فعلًا، أما التزيد في الألفاظ، وذكر أشياء زائدة، إما في وصف أو في تبيين لمجمل ونحو ذلك مما هي من مخيلات بعض المتكلمين، هذا كان أهل العلم يبتعدون عنه، ويذكرون كلامًا دقيقًا محررًا، والكلام الدقيق المحرر الذي هو مستفاد من الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، هذا كلام كثير لو اكتفينا به لكفانا. [شرح مسائل الجاهلية].
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (2 /5-6)]
هل انتفعت بهذه الإجابة؟