الأربعاء 21 شعبان 1446 هـ

تاريخ النشر : 18-12-2024

ماتت قبل أداء فريضة الحج لعدم وجود المحرم فهل يجب الحج عنها ؟

الجواب

المحرم بالنسبة للمرأة من الاستطاعة، فالله قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] فالمرأة التي لا تجد محرمًا لا تعتبر مستطيعة، فلم يتوفر فيها شرط وجوب السعي إلى الحج. 

فالمرأة لا يجوز لها أن تحج إلَّا مع ذي محرم؛ لأن الحج سفر وتنقل يحتاج إلى رعاية، وقد يصيب المرأة ما يصيبها، وهي معرضة فيه لأشياء كثيرة تحتاج معها إلى من يعتني بها، وهو ذو محرم منها. 

اختلف أهل العلم هل العلة في اشتراط المحرم هو وجود الأمن للمرأة؛ لأن السفر مظنة عدم الأمن عليها في بدنها أو في عرضها؟ أو أن المقصود منه التعبد؟ وهو أنها لا تحج إلَّا مع المحرم؛ لحاجتها إليه، ولأن الحج لا يكون إلَّا كذلك على عدة أقوال، وكثير من أهل العلم يبني على هذا أنه -يعني: على الخلاف- هل لها أن تحج مع نسوة مأمونات، أو ليس لها أن تحج مع نسوة مأمونات؟ فرجعت المسألة هنا إلى قولين: 

القول الأول: أنه لا يجوز للمرأة أن تحج بدون محرم مطلقًا.

 والقول الثاني: أن لها أن تحج بدون محرم إذا كان الطريق آمنًا.

وهؤلاء اختلفوا في أمن الطريق، فمنهم من قال: أمن الطريق أن يكون معها نسوة مأمونات مع خمس عشر حريم، هي معهن الكثرة هذه تمنع عدم الأمن، فيترجح أنها تأمن مع ذلك، وهذا مذهب عدد من ذلك، وهذا مذهب عدد من الشافعية والمالكية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.  

والثاني -يعني: من هذا القول-: أنه إذا تحقق الأمن، جاز لها السفر ولو سافرت وحدها، إذا كان ظاهر السفر الأمن، ويستدلون له بقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث عن خباب الله قال: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-  وَهُوَ مُتَوَسِّدُ بُرْدَةً، وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: ألَّا تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ، وَهُوَ مُحْمَرٌ وَجْهُهُ، فَقَالَ: «لقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلا اللَّهَ» زَادَ بَيَانُ «والذئب عَلَى غَنَمِهِ»[رواه البخاري (3852)] قال: علقها بوجود الأمن، وتخرج الظعينة، واحدة لا تخشى إلا الله.  

والصحيح من ذلك هو القول الأول، وهو أن المرأة لا يجوز لها أن تحج إلّا مع ذي محرم منها، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَم» [رواه ابن أبي شيبة (3/385)، والطيالسي (١/ ٣٥٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].

وتلك المرأة حجت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» [رواه مسلم (1341) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-]، مع أنه اكتتب في غزوة كذا وكذا -يعني: في الوجوب- لو حجت بدون محرم، صح حجها؛ لأنه شرط للوجوب، وليس شرطا للصحة.  

طبعًا، إذا ماتت وهي لم تحج ما تمكنت من محرم، يحج عنها وليها؛ لأنها بقيت في ذمته؛ لأن هي لا بد أن تحج، فيحج عنها حجة الإسلام من بلدها، لا، ما يجب عليها، ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب في حق المكلف، أما فيه الزام للغير؟ فلا يلزم. [شرح الطحاوية]. 

المصدر:

[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (3 /485 -487)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟