ليس مطلقًا، لكن جنس الشّرك الأصغر أكبر من جنس الكبائر، وليس كل شرك أصغر أكبر من كلّ كبيرة، فإذا قال أهل العلم: الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، أو أعظم من الكبائر فالمقصود به جنس الشرك؛ لأنّ فاعل الكبيرة لم يشرك، ومن أشرك شركًا فقد أشرك، وجنس الشرك أكبر من جنس فعل المحرمات التي هي الكبائر، فإذا هذا من قبيل تعظيم الجنس على الجنس، لا الفرد على الفرد، وهذه تنتبه لها في كلام كثير العلماء، وتنتبه هل يقصد في كلامه الفرد مع الفرد، أم يقصد الجنس مع الجنس مثل هذا نضرب لكم مثالاً آخر، مثل أن نقول: صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأمة، أفضل هذه الأمة من؟ صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا من حيث العموم، لكن قد يكون متأخّر، غير الصحابة: من التابعين، ومن بعدهم الشخص الفرد الواحد قد يكون أفضل من بعض الصحابة، قد يكون الفرد أفضل من الفرد، لكن الجنس لا شكّ أنّهم هم أفضل النّاس، صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هم أفضل الناس، يقول البراء -رضي الله عنه-: «لمقام أحدهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساعة، خير من عبادة أحدكم سنة، أو دهره كلّه».
لا شك أن رؤيتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- هذه وحدها وجه تفضيل، ووجه مزيّة، فتنتبه إلى تفضيل الجنس على الجنس، والفرد على الفرد في مسائل كثيرة.
سؤال: قوله: إن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر؟
الجواب: لا، هذه نبهنا عليها أيضًا مرارًا في الشرك الأصغر، نقول: أكبر من الكبائر، يعني: التي ليس فيها شرك، والمراد بذلك جنسه، الكبيرة هذه قد يغفرها الله؛ قد يوفق الله -عز وجل- العبد في الدنيا إلى محوها، أما الشرك فإنه عند كثير من العلماء غير داخل في المشيئة، وإنما يغفر بالتوبة فقط، فليس داخلًا في المشيئة الشرك الأكبر والأصغر عند طائفة من أهل العلم؛ ولهذا يقولون: الشرك الأصغر جنسه أعظم من الكبائر؛ فهو أكبر من سائر الكبائر، لكن لا تأخذ كل مسألة من مسائل الشرك الأصغر، وتقول هي أعظم من كل مسألة من الكبائر، يعني: هذه المفاضلة بين الواحدة والواحدة ليست في إطلاق العلماء، وإنما يفاضلون بين الجنس والجنس؛ لأن هذا فيه تنديد وهذا فيه شرك، وتلك من باب المعاصي، باب الشهوات، وهذا فيه دخول غير الله -عز وجل- إلى القلب، وتعلق القلب به، وتلك معصية وذنب وشهوة، لكن قد يبقى معها القلب موحدًا.
سؤال: هل الشرك الأصغر أكبر من الكبائر في جنسه؛ بحيث إنه شرك أصغر، أم ليس كل فرد من أفراد الشرك الأصغر أكبر من الكبائر؟
الجواب: لا يقال ذلك، يعني: ما لك أن تقول مثلا: أن قول القائل: (لولا الله وفلان) أعظم من إدمان على شرب الخمر، ليس لك أن تفاضل هذه المفاضلة، وكذلك ليس لك أن تقول مثلاً: إن يسير الرياء في الصلاة - واحد صلى زاد تسبيحة أو تسبيحتين لنظر فلان أن هذا أعظم من مرتكب زنا، أو آكل ربا، لهذا فالمفاضلة هذه ليست في كلام أهل العلم، لكن الجنس مع الجنس، نعم؛ فالمفاضلة قائمة؛ وذلك لأن هذا فيه تشريك، وذاك ليس فيه تشريك. [فتح المجيد شرح كتاب التوحيد].
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (1/ 61-63)].
هل انتفعت بهذه الإجابة؟