هذه مسألة كبيرة يضيق عنها المقام، لكن المقصود أن الاجتماع، الاجتماع على الدين والدعوة تكون إلى الدين الذي أمرنا الله عز وجل بالاجتماع عليه، وهو ما نزل به القرآن، وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان عليه السلف الصالح، هذا هو الدين؛ كما قال -عز وجل-: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]، وكذلك قوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، وهكذا {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وأوضحت لكم هذا مرارًا، فالدين الذي يجب الاجتماع عليه هو الدين الذي كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان عليه صحابته، وكان عليه السلف الصالح، وأما ما أحدثته الأمة من البدع في الاعتقاد، أو البدع في العمليات والعبادات، فهذا لا شك أنه ليس الدين الأول، هو شيء جديد؛ ولذلك صار فرقة وافتراقًا عما كانت عليه الجماعة الأولى؛ لهذا يجب أن يحافظ على ما كانت عليه الجماعة الأولى قبل أن تفسد وتحدث الفرقة والاختلاف.
وهذا مما يجب الدعوة إليه وتثبيته، بتثبيت العقيدة في النفوس، والدعوة إلى التوحيد والالتزام بالعمل الصالح، ونبذ الخلاف في هذه المسائل بتأصيل الأصول الشرعية في ملازمة الدليل، وعدم الذهاب إلى العقليات.
من جهة ثانية الاجتماع والائتلاف يكون بالاجتماع على من ولاه الله -عز وجل أمر المسلمين، فهذا الاجتماع مقصود في الشريعة، أمر به الله -عز وجل- وأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وحض عليه، وأبدى فيه وأعاد؛ كما يقول إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسائل الجاهلية: (حتى غدا عند كثيرين هذا الأصل كأنه لم يكن فيه شيء من حديث النبي صلى الله عليه وسلم).
فالاجتماع نوعان: اجتماع في الدين، واجتماع على ولي الأمر، وعدم مخالفته، ولزوم طاعته في المعروف، فإذا أمر بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق [شرح الطحاوية].
[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (2 /45-47)].
هل انتفعت بهذه الإجابة؟