الجمعة 26 شوّال 1446 هـ

تاريخ النشر : 13-10-2024

الفرق بين إنكار المنكر وتعزير صاحبه

الجواب

إن هذا الأمر إذا كان قال به أحد الوعاظ، فهو غلط ظاهر واعتداء، وإنكار بما لا يسوغ له الإنكار به، وذلك من جهات: 

الجهة الأولى: أنه لم ينكر، وإنما عزر، فالبصق في الوجه، والضرب أو الاعتداء على الملابس، ونحو ذلك هذا تعزير، وليس إنكارًا، والتعزير ليس من الإنكار، التعزير لأهل التعزير من القضاة، أو من وكل لهم تعزير المخالف. 

والوجه الثاني: أن المرأة المتبرجة لا يصلح أن يقال لها: عدوة الله؛ لأن هذا بإطلاق لا يصلح أن يقال لمسلم: يا عدو الله، وربما كان في هذا من تسليط الشيطان عليها، ولا شك أن تبرج النساء بإبداء زينتهن المحرمة، وإظهار المفاتن عند الأجانب -سواء كُنَّ في البيوت، أو في الشوارع، أو في الأسواق- من المنكرات العظيمة التي شاعت، ويجب الحذر منها، والتحذير منها ؛ حتى لا تستفحل، حتى لا يظن الناس أنها مما يسوغ أو يسهل، والمرأة واجب عليها التستر، وواجب عليها ألا تبدي زينتها إلا لبعلها أو من جاء ذكره في الآية، والتبرج محرم: وهو إبداء الزينة للأجانب، قال الله عز وجل لنساء نبيه وللنساء المؤمنات: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الأحزاب : 33]، ولهذا ينبغي، بل يجب على كل ولي أمر أن يلزم نساءه، ومن تحت يده بالعفاف والستر، وأن يربي في أنفسهن هذا الأمر ؛ لأنه مما يجعل القلب تقيا (قلب المرأة)، وأيضا قلب ولي الأمر، وأما التساهل في ذلك، فيفضي إلى مخالفة أمر الله، في حق ولاة الأمر على النساء، والمرأة يجب عليها أن تتقي الله، وأن تعلم أن الذي فرض عليها الحجاب، وفرض عليها الستر، وحرم عليها التبرج بالزينة ومخالطة الرجال الأجانب بهذه الزينة، أن الذي فرض عليها ذلك هو ربها وخالقها، وهو الذي له تدين بالاستسلام والطاعة، فواجب عليها أن تطيع ربها وتقدست أسماؤه، وألا تعصيه بإظهار هذه المفاتن، وإظهار المرأة مفاتنها للرجال الأجانب يفسد الرجال، ويفسد القلوب، والرجال اليوم إلا مَنْ ندر في قلوبهم مرض، من جهة الشهوات، ومن جهة الشبهات، والله قال لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب : 32]، فإذا كان هذا في الخضوع بالقول، وهو لين القول، فكيف بالزينة ؟! كيف بإظهار المحاسن في الوجه، والبدن، والروائح، والمشية، وأشباه ذلك مما ظهر في نساء المسلمين وفي عامة البلاد؟! 

فإذًا هذه المسألة تعود إلى التربية والقوامة، قوامة الرجل على المرأة، ثم أيضا إلى الإنكار المشروع، فمن رأى امرأة بهذه الحال له أن ينكر عليها باليد،  إذا كان من أهل اليد؛ لمنعها من التبرج، وإذا كان ليس له عليها سلطان بأن رآها في الشارع، أو رآها في السوق، أو نحو ذلك، فينكر عليها باللسان، بأن يبين لها أن فعلها هذا لا يجوز، وأنه لا يحل لها أن تتبرج ؛ لنهي الله عن ذلك، ولما يفضي إليه التبرج من المفاسد الكثيرة، ومن رأى حال النساء في العالم الإسلامي اليوم، يرى أن المجتمعات أول ما اُبتليت، اُبتليت بخروج المرأة عن العفاف والحياء والستر والتستر، إذا خرجت،  الرجل ضعف،  ثم بعد ذلك يكون هناك دخول لشعب من شعب النفاق إلى القلوب، حتى يضعف الخير في الناس، فهذا اللفظ وهذا الفعل (من البصق في الوجه، يا عدوة الله،  تستري) هذا من الاعتداء، ولا يجوز له، ولا يحل،  هذا غلط من الواعظ - إذا كان ما نقل صحيحًا - وإنما الواجب هو الإنكار أو النصيحة بالأسلوب الشرعي، حتى وإن كانت تفعل من المحرمات، فلا يعزرها،  البصق في الوجه أو إفساد الملابس أو الاعتداء عليها، أو أشباه ذلك،  هذا تعزير ليس له، وإنما عليه هو الإنكار، الإنكار الشرعي. [شرح مسائل الجاهلية].

المصدر:

[الأجوبة والبحوث والمدارسات للشيخ صالح آل الشيخ (2 /36-37-38)]


هل انتفعت بهذه الإجابة؟