الجواب
قد ثبت عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من حديث خولة بنت حكيم قالت: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» أخرجه مسلم في (صحيحه)
وما رواه عمران بن حصين قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «لا رقية إلا من عين أو حمة» رواه أحمد والمراد بالحمة: ذات السموم من حية أو عقرب، وما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول في الرقية: «بسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا» رواه البخاري، فهذه بالله وحده، والالتجاء إليه والاعتقاد بأنه هو النافع الضار دون غيره.
ويدل على ذلك ما ورد في (صحيحي البخاري ومسلم) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: انطلق نفر من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء. فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط: إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفل عليه ويقرأ فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي-صلى الله عليه وسلم- فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، فقال: «وما يدريك أنها رقية؟» ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهما»، فضحك النبي-صلى الله عليه وسلم- وهذا لفظ البخاري.
وكان النبي-صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين، كما ورد عنه في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق، أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة» رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
وطبيعة الحيات والعقارب وأمثالها الأذى لبني آدم؛ ولهذا وصفها النبي-صلى الله عليه وسلم- بالفواسق بقوله: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم» وذكر منها الحية والعقرب.
فعلى هذا، فإن ما يدعيه أولئك الدجالون أنهم يتمكنون بتلك الأشياء المذكورة في السؤال إلى تحويل ذوات السموم المؤذية، إلى كونها مستأنسة مسالمة، وأنه يستطيع أن يتحكم فيها ويحويها بمنعها من مجاوزة مكان ما، أو أن ريقه فقط يبرأ به من أصيب بسمها، وأنها لا تؤذي الحاوي ولا تلدغه، وكذلك ما يدعونه من حلب الأم لثديها على العقرب الميت، وسقيها للطفل فيكتسب الطفل مناعة ضد العقارب والحيات، كل هذا من الكذب والافتراء، وضرب من الخرافات، واستعانة بالشياطين وتعلق بالجن، وتعاون معهم على الإثم والعدوان، وخداع للعوام وضعاف العقول، وادعاء بعضهم الولاية بما يجري على أيديهم من تلك الأمور، فلا ينبغي الاغترار بهم والانخداع بأقوالهم، بل يجب الإنكار عليهم والبعد عنهم، وتحذير الناس من شرهم، والاعتقاد بأنهم أهل بدعة وضلالة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.