الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

مذهب السلف في رؤية الله -عز وجل- ، وحكم من ينفي الرؤية بالعين

الجواب
يقول: الله -عز وجل- في القرآن الكريم حين ذكر القيامة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 22-23]. فأضاف النظر إلى الوجوه، والذي يمكن به النظر في الوجوه العين، ففي الآية دليل على أن الله -سبحانه وتعالى- يرى بالعين، ولكن رؤيتنا لله -عز وجل- لا تقتضي الإحاطة به لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾[طه: 110]. فإذا كنا لا يمكن أن نحيط بالله علما والإحاطة العلمية أوسع وأشمل من الإحاطة البصرية دل ذلك على أنه لا يمكن أن نحيط به إحاطة بصرية ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾[الأنعام: 103]. فالأبصار وإن رأته لا يمكن أن تدركه، فالله -عز وجل- يرى بالعين رؤية حقيقية، ولكنه لا يدرك بهذه الرؤية، لأنه -عز وجل- أعظم من أن يحاط به، وهذا هو الذي ذهب إليه السلف، ويرون أن أكمل نعيم ينعم به الإنسان أن ينظر إلى وجه الله -عز وجل- ولهذا كان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أسألك لذة النظر إلى وجهك». قال: (لذة النظر)؛ لأن لهذا النظر لذة عظيمة لا يدركها إلا من أدركها بنعمة من الله وفضل منه، وأرجو الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم. هذه هي حقيقة الرؤية التي أجمع عليها السلف.
أما من زعم أن الله لا يرى بالعين وأن الرؤية عبارة عن كمال اليقين فإن قوله هذا باطل مخالف للأدلة ويكذبه الواقع؛ لأن كمال اليقين موجود في الدنيا أيضا قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في تفسير الإحسان: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك». وعبادتك لله كأنك تراه هذا هو كمال اليقين، فدعوى أن النصوص الواردة في الرؤية تعني كمال اليقين؛ لأن المتيقن يقينا كاملا كالذي يشاهد بالعين دعوى باطلة وتحريف للنصوص، وليس بتأويل بل هو تحريف باطل يجب رده على من قال به، والله المستعان.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(1/222-224)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟