الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

متى يكتب العبد من الذاكرين الله كثيرا؟

الجواب

الذكِّر من أفضل العبادات التي يجب صرفها لله تعالى وحده، وهي غير منحصرة بعدد ولا نوع معين،
قال النووي في كتابه (الأذكار) ص 9: فصل: (اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قال سعيد بن جبير -رضي الله عنه- وغيره من العلماء) اهـ .
وقال ابن حجر كما في (شرح المشكاة): (مجالس الذكر مجالس سائر الطاعات، ومن قال هي مجالس الحلال والحرام أراد التنصيص على أخص أنواعه) اهـ .
فينبغي لكل مسلم أن يحافظ على أذكار الصباح والمساء الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضي الله عنهم-؛ لكونها من جوامع الكلم، فهي أولى وأنفع من غيرها.
وقد مدح الله تعالى الذاكرين والذاكرات بكثرة الذكر، فقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾[الأحزاب: 35]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾[آل عمران: 191] وقد اختلف العلماء في المراد بكثرة الذكر، جاء في (الأذكار) للنووي (ص 9)، قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (المراد: يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوا وعشيا وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا أو راح من منزله، ذكر الله تعالى، وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا، وقال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قول الله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾[الأحزاب: 35]
وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات» هذا حديث مشهور رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه في (سننهم)، ورواه الإمام أحمد في (المسند) (ج 3 ص 75).
وسئل الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله- عن القَدْر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة، أي: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضي الله عنهم- المثبتة صباحا ومساء في الأوقات والأحوال المختلفة، ليلا ونهارا، وهي مبينة في كتاب: (عمل اليوم والليلة)، كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والله أعلم. اهـ.
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره (ج 3 ص 495) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾[الأحزاب: 41] إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر؛ فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على تركه، فقال: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ﴾[آل عمران: 191] قياما وقعودا وعلى جنوبكم بالليل والنهار، وفي البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال، قال -عزّ وجلّ-: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾[الأحزاب: 42] فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته. اهـ.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وبذلك يتبين أن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات وصف يمكن إطلاقه على كلا الصنفين المذكورين في السؤال، وكل من أطاع الله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهو ذاكر لله.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

المصدر:

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(24/151- 155)
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس


هل انتفعت بهذه الإجابة؟