الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

ما هو القول الراجح في زكاة عروض التجارة ؟

الجواب
أولا: اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة في عروض التجارة، فأوجبها الجمهور، ولم يوجبها داود بن علي الظاهري وجماعة، وقد استدل الجمهور بما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصدقا فقال: منع العباس وخالد وابن جميل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إنكم تظلمون خالدًا، إن خالدًا قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله» فدل ذلك على أن الزكاة طلبت منه في دروعه وأعتاده وهي لا زكاة فيها، إلا أن تكون عروضا جعلت للتجارة، وخالد لم يجعلها عروضا للتجارة، وإنما احتبسها في سبيل الله، وبما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع» وبما رواه الدارقطني عن أبي ذر - رضي الله عنه- قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته » ولا خلاف في أنها لا تجب في عين البز، فثبت أنها واجبة في قيمته، وذلك إنما يكون إذا جعل للتجارة، وبما رواه الإمام أحمد -رحمه الله- عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر قال: أد زكاة مالك، فقلت: مالي مال إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها. وبما ثبت عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: كنت على بيت المال زمان عمر بن الخطاب، فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجار ثم حسبها غائبها وشاهدها، ثم أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد. وبما صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه كان يقول: (لا بأس بالتربص حتى المبيع والزكاة واجبة فيه) ، وصح عن ابن عمر - رضي الله عنه- أنه قال: (ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة) وقد اشتهر ما ذكر عن الصحابة - رضي الله عنهم- ولم ينكر فكان إجماعا، وتأويل ما ذكر بحمله على صدقة التطوع خلاف الظاهر، بل خلاف لما صرح به من تسميته زكاة في بعض الأحاديث والآثار.
واستدل من لم يوجب الزكاة في عروض التجارة بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة» ، وثبت أيضًا أنه قال - صلى الله عليه وسلم- : «ليس فيما دون خمسة أوسق من الحب والثمر صدقة» ، وثبت أنه قال - صلى الله عليه وسلم- : «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر» ، وثبت أنه لما بين حق الله تعالى في الإبل والبقر والغنم والكنز سئل عن الخيل، فقال: «الخيل لثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر» فسئل عن الحمر، فقال: «ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7]» فدل عموم ذلك على أنها ليس فيها زكاة، سواء أعدت للتجارة أم لا، ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجوب الزكاة في قيمتها من الذهب والفضة، فإنها ليست مقصودة لأعيانها وإنما هي مقصودة لقيمتها، فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة نفي وجوبها في العروض وإثباتها فيها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(9/308-311)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟