الجمعة 10 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 777
الخط

ما هو أفضل ما يمكن أن يقدم الولد لوالديه بعد مماتهما ؟

السؤال:

سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى- : هل الأفضل لمن أراد أن يبر بوالديه بعد موتهما أن يحج عنهما بنفسه وماله أو أحد أبنائه أو يضحي عنهما، وكل ذلك تطوعًا وليس بوصية، أو يصرف ذلك في بناء المساجد والجهاد في سبيل الله ؟

الجواب:

أحسن ما يبر به الوالدان ما أرشد إليه النبي- صلى الله عليه وسلم -  ، وهو الدعاء لهما، والاستغفار لهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك فيها إلا بهما. هذه هي التي نص عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم -  حين سأله السائل: فقال يا رسول الله: هل عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما ؟ فأجابه بذلك، وأما الحج عنهما والأضحية عنهما والصدقة عنهما فهي جائزة لاشك، ولا نقول: إنها حرام، لكنها مفضولة، إذ إن الدعاء لهما أفضل من هذا، واجعل هذه الأعمال التي تريد أن تجعلها لوالديك اجعلها لنفسك، حج أنت بنفسك، تصدق لنفسك، ضحِّ لنفسك وأهلك، ابذل في المساجد والجهاد في سبيل الله لنفسك، لأنك سوف تكون محتاجاً إلى العمل الصالح كما احتاج إليه الوالدان، والوالدان قد أرشدك النبي - صلى الله عليه وسلم -  إلى ما هو أنفع وأفضل. هل تظنون أن الرسول عليه الصلاة والسلام غاب عنه أن الأفضل أن تحج وتتصدق ؟ أبدًا لا نعتقد أن الرسول غاب عنه ذلك، فلنعلم أن الرسول اختار هذه الأشياء الأربعة: الدعاء، والاستغفار، وإكرام الصديق، وصلة الرحم، لأنها هي البر حقيقة، ولهذا صح عنه أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» لم يقل: أو ولد صالح يتصدق عنه، أو يضحي عنه، أو يحج عنه، أو يصوم عنه، مع أن الحديث عن الأعمال، فعدل النبي عليه الصلاة والسلام عن جعل الأعمال للميت إلى الدعاء، ونحن نشهد الله ونعلم علم اليقين أن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -  لن يعدل إلى شيء مفضول ويدع الشيء الفاضل أبدًا، لأنه صلوات الله وسلامه عليه أعلم الخلق وأنصح الخلق، فلو كانت الصدقة أو الأضحية، أو الصلاة، أو الحج، لو كانت مشروعة لأرشد إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ، وأنا أقول: إنه ينبغي لطلبة العلم في مثل هذه الأمور التي يكون فيها العامة سائرين على الطريق المفضول ينبغي لطالب العلم أن يبين وأن يوضح، وأن يقول هذه الأصول ايتوني بنص واحد يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -  أن يتطوع الإنسان لوالديه بصوم أو صدقة، أبدًا لا يوجد، لكن قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن نصوم الفرض عن الميت، ولكن التطوع أبدًا، قلّب في السنة كلها من أولها إلى آخرها هل تجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر أن يتصدق الإنسان عن والديه، أو يصوم تطوعاً عن والديه، أو يحج تطوعاً عن والديه، أو يبذل دراهم في المصالح العامة لوالديه ؟ أبدًا، لا يوجد، غاية ما هنالك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم -  أقرّ هذا الشيء، وإقرار الشيء لا يعني أنه مشروع، فقد أقرّ سعد بن عبادة حين استأذن منه أن يجعل مخرافه يعنى بستانه الذي هو مخرافه صدقة لأمه، قال: «نعم»، وكذلك أقرّ عليه الصلاة والسلام الرجل الذي قال: إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها ؟ قال: «نعم»، لكن هل أمر أمته أن يتطوعوا لله ويجعلوها للأموات ؟ هذا لا يوجد، ومن عثر على شيء من ذلك فليتحفنا به، إلا بالشيء الواجب، فالواجب لابد منه.

المصدر:

مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/267 - 270)

أضف تعليقاً