الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

فُعل به اللواط قبل البلوغ فهل يخبر والديه وماذا عن تفكيره بالانتحار؟ الفتوى رقم(7989)

السؤال
أنا شاب عربي مسلم، وليس المهم من أي قطر عربي، أنا في الثامنة عشرة من عمري، ومشكلتي هي: أنني قد اغتلت من تحتي والعياذ بالله، فقد فعل بي عمل قوم لوط وأنا طفل لم أبلغ الحلم، ولا أدرك بعد، وكان الذي ارتكب هذه الجريمة وقتلني وأنا على قيد الحياة هو أحد أقربائي، والحمد لله الذي أنعم علي ونشأني تنشئة إسلامية تحت رعاية أب وأم قد أقول متدينين إن صح التعبير، ولا أزكي على الله أحدا، أنا الآن أعلم أن حد اللواط هو القتل، ولكن لا أحد إلا الله سبحانه وتعالى يعلم أني مفعول به، وسبب وجودي في بريطانيا هو أني ناجح في دراستي مبتعث من قبل حكومتي بعد المرحلة الثانوية للدراسة في الخارج و (بريطانيا) .
وسؤالي هو: أرجو إرشادي ماذا أفعل؟ أبي لا يعلم بقصتي هذه، هل أعلمه؟ وأنا الآن أدرس في بريطانيا، ولكن من شدة خوفي من عذاب الله، ولو أني بعض الأحيان أشعر أن الذنب ليس ذنبي، فأنا كنت طفلا لا يدري خطر ما يفعل به، يقارب هذا الخوف أن يباعدني عن دراستي، ولقد سبب لي نقصا في النفس، فأنا أشعر أني لا أستحق الحياة، وأن كل الناس أحسن مني، وهذا الشعور سبب لي حالة ارتباك مستمرة وارتعاش في يدي، والآن خوفي من فشلي في الدراسة، وخوفي حينما أقابل الله سبحانه وتعالى، وأعتقد أن بقائي في بريطانيا خير من رجوعي إلى أرض الوطن، ذلك أنني كنت أتوقع الفشل من قبل أن أبعث إلى بريطانيا، هل يجب أن أعلن قصتي على أهلي ويعرفونها، هل يجب أن أرجع من بريطانيا وأسلم نفسي إلى القضاء للقصاص؟ مع العلم أني محصن نفسي من عمل اللواط ولن أرتكبه على الإطلاق، ولا أعتقد أن إقامة الحد إلى خشية انتشار هذا المرض الخبيث، ومع ذلك فإنني أصلي وأقوم بالفروض الواجبة، وأنصح الطلبة، وأحذرهم من ارتكاب المعاصي كالزنا وترك الصلاة وغيرها، ولكنني في نفسي أشعر بالندم والحسرة على ذنب اقترف في حقي، أرجو وقد علمتم بقصتي إرشادي إلى ما يجب علي فعله جزاكم الله عني خيرا، فإنكم ستحيون نفسا مشرفة على الموت، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، وما أحمد الله عليه أن رغم كل هذا أن قوة الإيمان تمنعني أن أفكر في الانتحار والعياذ بالله، فهو فيه الهلاك كل الهلاك، ولكن لا أملك إلا أن أقول: رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
الجواب
إذا كان الواقع كما ذكرت، فلا حرج عليك ونرجو الله أن يتقبل توبتك تحقيقا لوعده الصادق، قال الله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[طه: 82] وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء: 48]، وننصحك ألا تبلغ والديك بما مضى من ذلك الأمر؛ خشية حصول ما لا تحمد عقباه، وألا تذكر موضوعك هذا لأحد بعد، ولا تفشه، بل اجعله سرا بينك وبين ربك، والله يتولاك بعفوه مع من وصفهم الله بقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾[آل عمران: 135-136]
ولا تحدث نفسك بما ذكرت من الانتحار؛ لأن الله يقول: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[النساء: 29] وإن حديثك لنفسك بالانتحار من نزغات الشيطان، يريد أن يوقعك في جريمة أخرى؛ إذ علم منك التوبة مما مضى، ويئس من عودتك إلى المعصية، فاستعذ بالله منه عسى أن يحفظك من شره، وسر في طريق الخير علما وعملا، عزيز النفس قوي العزيمة، ولن يضرك ما مضى مادمت قد أقلعت عنه وتبت منه ابتغاء مرضاة الله وخوف عقابه، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾[الطلاق: 4-5]
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(24/351- 354)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟